أكد مختصان في الاقتصاد، أن استحداث هيئتان جديدتان للتصدير والاستيراد سيحقق توازنا في التجارة بين الانفتاح على الخارج وحماية السوق الداخلية، كما يعد مفتاحا لتحقيق الأمن الاقتصادي والسيادة التجارية برفع عدد المؤسسات المصدرة ومضاعفة عائدات التصدير، مما يساعد على تقوية الدينار وبالتالي تحسين التصنيف المالي للبلد. أكد البروفيسور في الاقتصاد بجامعة الجزائر بلاغا رضا، ل"المساء" أمس، أن إعلان رئيس الجمهورية، باستحداث هيئتين منفصلتين للتصدير والاستيراد بعد إنهاء مهام الوكالة الوطنية لترقية التجارة الخارجية "ألجيكس" ابتداء من ماي المقبل، إصلاح ايجابي ستكون له آثار مباشرة على مؤشرات الاقتصاد الكلي. إذ يتوقع منه أن يؤدي إلى رفع عدد المؤسسات الجزائرية المصدرة، مما سيساهم في مضاعفة عائدات التصدير خارج المحروقات في غضون سنوات قليلة، وهو ما يسمح بتقليص العجز في الميزان التجاري، ورفع احتياطات العملة الصعبة، مضيفا أن الاتجاه العام يوحي بإمكانية تحقيق فائض تجاري على المدى المتوسط في حال تطبيق هذه السياسات بكفاءة. كما أفاد بلاغا، أن هذا الاصلاح سيمكن من القيام برقابة فعّالة على الواردات التي ستساهم في خفض فاتورة الاستيراد، خصوصا في القطاعات التي توجد فيها بدائل محلية، الأمر الذي يساعد على تقوية الدينار وتحسين التصنيف المالي للبلاد. وأضاف أن نجاح هذا المشروع الطموح يمر عبر مجموعة من الشروط أهمها تعيين كفاءات وطنية ذات خبرة فعلية في التجارة الدولية والإدارة العمومية، بدل اللجوء إلى التعيينات السياسية أو الإدارية البحتة، وإشراك القطاع الخاص في إعداد وتسيير السياسات التصديرية والاستيرادية، باعتباره الفاعل الأساسي في الميدان، مع توفير حوافز وضمانات للمصدرين سواء عبر تخفيض الأعباء الجبائية، أو تسهيل الوصول إلى التمويل البنكي والمرافقة التقنية، إلى جانب ضمان المتابعة والتقييم المستمر لأداء الهيئتين، مع إمكانية تعديل القوانين والأنظمة حسب نتائج الميدان. وأضاف بلاغا، أن تقسيم المهام بين هيئتين متخصصتين يسمح لكل منهما بالتركيز على اختصاص دقيق، وبالتالي تقديم خدمات أكثر فعالية واحترافية، موضحا أن هذا القرار يندرج في إطار مراجعة شاملة لهيكلة مؤسسات الدولة الاقتصادية بما يتماشى مع متطلبات المرحلة الجديدة من التنمية الوطنية القائمة على مبدأ الجودة والمردودية. من جهته أضاف البروفيسور في الاقتصاد بجامعة البليدة، حكيم بوحرب، أن استحداث هيئتين للتصدير والاستيراد سيمكن من الولوج إلى أسواق جديدة بالاستفادة من العلاقات الدبلوماسية للجزائر سواء نحو البعد الإفريقي أوالعربي، وكذا البعد الأوروبي خاصة بعد مراجعة الاتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي والذي يتوقع منه أن يمكن من تنويع الصادرات الجزائرية باتجاه هذه البلدان بعدما ظل محصورا في المحروقات وسلع جد محدودة دون غيرها. وقال بوحرب، إن المصطلحات التي استعملها رئيس الجمهورية، في إعلانه عن إنهاء مهام وكالة "ألجيكس" تؤكد بأن هذه الأخيرة فشلت في ترقية الصادرات ولم تساير الاستراتيجية التي سطرتها الدولة للرفع من الصادرات خارج المحروقات، موضحا أن المؤشرات الاقتصادية والإمكانيات المتوفرة تمكن من رفع هذا الرقم إلى أكثر من 7 مليار دولار التي تم تجسيدها في 2023، لولا هذا الفشل والعجز والبيروقراطية التي لم تخدم التجارة الخارجية.