ما من شك أن السكن مطلب شرعي وضرورة ملحة، في غيابه لا مجال للحديث عن الاستقرارالمادي، أو الراحة النفسية خاصة إذا استمر الوضع لسنوات طويلة حيث يطول الانتظار، وتتعقد الأمور وتتضاعف المعاناة، وتستنزف كل الحلول من أجل مجرد بصيص أمل يمكن أن يحقق حلم العيش حياة كريمة بعيدا عن هواجس المرض والضياع وخطر الموت المحدق في كل لحظة، خاصة مع تكرار سيناريو سقوط أجزاء من العمارات العتيقة خلال الأيام تلك هي مشكلة المواطن سليماني يونس الذي يقطن وعائلته منذ 25 سنة في شبه شقة والكائنة ب3 شارع عبد العالي بوقادوم بحي القصبة العتيق بالعاصمة.. تبدو العمارة التي يقطن بها هذا المواطن للمارة آيلة للسقوط، حيث تم الاستعانة بركائز خشبية لتثبيت بعض جدرانها الخارجية خاصة عند مدخل العمارة، حيث أنه ليس من السهل الصعود إلى الشقق المتواجدة بها، من بينها شقة المواطن سليماني، التي تتكون من شبه غرفة واحدة ضيقة تأوي عائلة بأكملها، الزوج والزوجة وأربعة أطفال أكبرهم يبلغ من العمر 25 سنة، هذه الغرفة الضيقة تنبعث منها رائحة الرطوبة التي تكتم الأنفاس بمجرد الدخول إليها ما بالك بالعيش فيها. 25 سنة من المعاناة تقول السيدة سليماني، تزوجت في هذه الغرفة وأنجبت فيها أبنائي الأربعة، وعشنا في معاناة حقيقية، وكلما تساقطت كمية قليلة من الأمطار تسربت إلى الغرفة من الجدران، وأصبح خطر التكهرب يهددنا بعد أن تصل المياه إلى قابس الكهرباء، وهو السيناريو الذي يتكرر كل شتاء ، ناهيك عن خطرإنهيار العمارة الذي يهددنا نحن وبقية السكان في أية لحظة. وأكثرما يقلق راحة عائلة سليماني وينغص عليهم حياتهم هو تجدد سيناريو سقوط أجزاء من بعض الشقق خلال هذه الأيام بحي القصبة، والذي تسبب في إصابات متفاوتة الخطورة لقاطنيها. لم نترك بابا إلا وطرقناه، تقول السيدة سليماني، في كل مرة نودع ملف لطلب السكن على مستوى مكتب السكن بمصالح بلدية القصبة، وننتظر أن تشملنا عملية الترحيل واعادة الاسكان، أو نحظى بمجرد أمل في صيغة من صيغ السكن سواء الاجتماعي أو التساهمي، لكن دون جدوى ورغم تقارير الخبرة التقنية التي قامت بها المصالح المعنية والتي تؤكد قدم العمارة مما يعرضها لخطرالإنهيارفي أية لحظة، وفي كل مرة أيضا تقول السيدة سليماني نستقبل ممثلين عن مصالح الشؤون الاجتماعية التابعة للمجلس الشعبي البلدي بالقصبة والتي تقفعلى الوضعية الصعبة إن لم نقل الكارثية التي نعيشها ، ويقوم القائمون على العملية بتدوين جملة من الملاحظات التي تدل على أحقيتنا في الحصول على سكن إلا أننا لازلنا ننتظر في كل مرة تتساقط فيها الأمطارتتوقف أنفاسنا خوفا من انهيار جدران الغرفة بفعل تسرب المياه تقول السيدة سليماني، ونقوم على إثرها بإرسال طلب إلى مصالح الحماية المدنية قصد الوقوف على حالتنا ، ومنحنا وثيقة تقرير الخبرة التقنية الذي يثبت خطر انهيارهذه الغرفة، ويأتينا الرد بأن الخبرة التقنية من صلاحيات مصالح البلدية وليس الحماية المدنية وكل ما تتألم له هذه المواطنة هو مصير أبناءها، الذين رغم حرصها الكبيرهي وزوجها على تلقينهم أصول التربية السليمة، إلا أن واقع إحتكاكهم بالشارع بسبب مشكل السكن قد يخلط جميع الأوراق، فهم يقضون أطول فترة ممكنة في الشارع ، ''حتى أن أكبرأبنائي كثيرا ما يمضي ليلته في السيارة خلال فترة الصيف نتيجة ضيق الغرفة التي تأوينا '' تقول هذه الأم'' إذا ما استمر الوضع على حاله فإن أبنائي مهددون بالضياع''- تضيف- . للإشارة فإن سكان العمارة المجاورة قد تم ترحيلهم، الشيء الذي زاد من تدهور العمارة التي تقطن بها هذه العائلة، حيث أصبحت المياه تتسرب عبر الجدارالذي يفصل بين العمارتين. بالنسبة لعائلة سليماني فإن الأمل موجود دائما، حيث تناشد السلطات المعنية النظر في حالتها المزرية، ووضع حد لمعاناتها التي دامت طويلا، وانتشالها من المرض وخطر الموت المحدق وإبعاد شبح الضياع عن أبناءها.