تبقى الأنظار مشدودة إلى الأفلان، الحزب الذي يصنع الحدث في كل الحالات هذه الأيام، خاصة بعد انعقاد الدورة السادسة للجنة المركزية، التي كان من نتائجها سحب الثقة من الأمين العام عبد العزيز بلخادم، من خلال عملية ديمقراطية كان الصندوق الشفاف عنوانا لها. لقد كان من البديهي ألا يصدر مثل هذا الفعل الديمقراطي البارز إلا من الأفلان، الذي يظل رغم كل الأزمات التي يمر بها حزبا كبيرا بحجمه البشري وبتجذره الشعبي وبمكانته الريادية في الساحة السياسية الوطنية. كيف لا يكون الأمر كذلك واللجنة المركزية، باعتبارها الهيئة القيادية المسؤولة بين مؤتمرين، اختارت اللجوء إلى الصندوق للفصل في الخلاف القائم حول تجديد الثقة للأمين العام أو سحبها منه، الأمر الذي جعل كل المتتبعين للشأن السياسي عامة والحزبي خاصة يرون في العملية الانتخابية والتصويت داخل اللجنة المركزية لحل الاشكالية بالعملية الحضارية التي يجب الاقتداء بها. أمام هذا الواقع المستجد، الذي لم تتمكن الدورة السادسة العادية للجنة المركزية من حل هذه الإشكالية الخلافية، يرتقب أن يستدعى أعضاء اللجنة المركزية للإلتئام مرة أخرى في دورة استثنائية لانتخاب أمين عام جديد للأفلان. في انتظار ذلك يتبادر إلى الأذهان تساؤل مشروع وهو: متى تنعقد الدورة الاستثنائية، ومن هي الشخصية التوافقية التي قد تشكل موضوع إجماع أو رضا كل الأطراف، في ظل الحديث عن رغبة وطموح العديد من أعضاء اللجنة المركزية في الترشح لمنصب قيادة الأفلان. إن المهم في كل ما يجري في بيت الأفلان، هو أن تتم عملية التداول على القيادة بالطرق الديمقراطية الحضارية، ليكون الأفلان دائما وأبدا نموذجا للممارسة السياسية السليمة، وليكون كذلك المدرسة الملهمة للأحزاب الأخرى، وليكون الدرس والعبرة لمن يعتبر. وإن الأهم أيضا في كل ما يعيشه الأفلان من مخاض هو أن لا ينسى أعضاء القيادة وهم في غمرة الصراع والتنافس على منصب الأمانة العامة للحزب، حتمية صيانة وحدة المناضلين في كل المستويات والحفاظ على مكانته الريادية كحزب يمثل القوة السياسية الأولى في البلاد، من خلال الأغلبية التي يحوز عليها في المجالس المنتخبة المحلية والوطنية وفي الجهاز التنفيذي، وفي مؤسسات وأجهزة الدولة. ضمن هذا المنظور، يتعين أن لا يبقى الأفلان طويلا دون قيادة، بدعوى الحاجة إلى أخذ الوقت اللازم للتفكير والبحث عن شخصية توافقية أو إجماعية تنتخب لمنصب الأمين العام، أو بدعوى ترقب وانتظار إشارات أو أوامر فوقية من شأنها أن تنقذ الحزب من الاستمرار في هذه الوضعية، التي قد تزج به في متاهات الفتنة والانقسام، اللذين قد يعجلان به للارتماء في أحضان خطط الأعداء والمتربصين بالأفلان، الراغبين في إضعافه والإجهاز عليه، والتعجيل بإحالته على متحف التاريخ كما يحلو لهم تسميته.