يقدر المختصون نسبة المصابين بأمراض الحساسية والربو في الجزائر، ما بين 20 إلى 33 بالمائة من إجمالي عدد السكان، وأكثر من 1500 جزائري يموتون سنويا بمرض الربو، وتمس الأمراض التنفسية جزائريا واحدا من بين كل ثلاثة أشخاص، كما تشكل الأدوية إشكالا حقيقيا للمصابين بالربو خاصة أجهزة التنفس الاصطناعي. ويعتبر الربو المرض الأول على رأس الأمراض التي تصيب الأطفال، وهو ما يدفع المختصين إلى مطالبة العائلات التي يعاني أطفالها من هذا الداء بالحرص على رعايتهم وتعليمهم ثقافة إتباع بعض العادات الصحية كغسل اليدين في كل مرة وعدم تناول الوجبات خارج المنزل. ساهمت التقلبات الجوية التي تعرفها بلادنا في انتشار الأمراض التنفسية على اختلاف درجاتها وخطورتها هذه الأيام، إلى درجة أن أقسام الأمراض التنفسية والاستعجالية عبر جل مستشفيات العاصمة ظلت تستقبل العشرات من الحالات المتأزمة بالعشرات يوميا خاصة من الأطفال، حيث تعتبر الأمراض التنفسية السبب المباشر والأول بدون منازع، لدخول أغلب الأطفال المؤسسات الاستشفائية وموتهم. وحسب أرقام اليونيسيف فإن الجزائر تحصي وفاة 38 طفلا من أصل 1000 سنويا، وهو ما جعلها تحتل المرتبة ال 75 عالميا حالها حال الدول السائرة في طريق النمو. ومن خلال جولة استطلاعية قادتنا إلى قسم الاستعجالات بمستشفى بئر طرارية بالأبيار، لاحظنا أن أكثر الأطفال المتوافدين على المصلحة يعانون من الربو والحساسية ، التهاب القصبات الهوائية وغيرها من الأمراض التنفسية، وأغلبهم من الرضع أو من يقل سنهم عن 4 سنوات. وهو ما يؤكد تصريحات المختصين في طب الأطفال أن الأمراض التنفسية البكتيرية تبقى في مقدمة الأمراض المتسببة في وفيات الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات بالجزائر. تقول فائزة أم الطفل منير 4 سنوات أنه كلما تقلب الطقس كما حدث في الأيام الماضية، إلا وحملته على جناح السرعة إلى مستشفى بئر طرارية لأنه الأقرب إلى البيت، ابني يعاني من الحساسية الصدرية منذ أن كان رضيعا وكلما كبر تأزمت حالته أكثر، وقد أكدت الأخصائية بأنه ورث الحساسية مني، تأسفت حينما علمت بذلك لأنني أعرف مدى معاناة المرضى بهذا النوع من الحساسية الصدرية عبر الفصول. حال هذا الطفل حال العشرات من الأطفال، حيث كانت مصلحة الأمراض التنفسية تعج بهم على مختلف أعمارهم، لكن المعاناة واحدة ربو، سعال، حاد، ضيق في التنفس، التهاب في القصبات الهوائية وغيرها من الأمراض الصدرية التي انتشرت بشكل كبير بين أطفال الجزائر ودق لها الأخصائيون ناقوس الخطر. ذلك لأنها تمثل خطرا على صحة المصاب، وتتضاعف في حال وجود عدة مسببات، على غرار التلوث وتغير عادات الحياة، والاستخدام اليومي للمكيفات الهوائية الساخنة والباردة على حد سواء، والتي تزيد من التعقيدات التنفسية وتعرض حياة هؤلاء المرضى إلى خطر حقيقي. الإفراط في استعمال المضادات الحيوية يمنح الأمراض مقاومة دق رئيس الجمعية الجزائرية للأمراض الصدرية والسل سليم نافثي ناقوس الخطر حول الوصف المفرط للمضادات الحيوية لمعالجة هذه الأمراض التي غالبا ما تتسبب فيها فيروسات لا تستدعي هذا النوع من الأدوية، موضحا أن هذا الإفراط في وصف المضادات الحيوية جعل معظم الأمراض التنفسية مقاومة ولا تستجيب للعلاج. كما أكد أن هذه الأمراض سجلت ارتفاعا بنسبة 33 بالمائة خلال سنة ,2012 كما أنها شكلت ثلث المعاينات الطبية بالمؤسسات الاستشفائية في الجزائر. وأضاف رئيس مصلحة الأمراض التنفسية بمستشفى مصطفى باشا في الإطار نفسه، أنه استقبل بمصلحة الأمراض التنفسية والصدرية بالمؤسسة الاستشفائية مصطفى باشا، إصابات تنفسية خطيرة نتيجة الوصف المفرط للمضادات الحيوية، حيث لاحظ أن الكثير من الأطباء يصفونها بعشوائية مضرة جدا، وعبر عن أسفه لعدم احترام الجزائر لبرتوكولات العلاج المعمول بها دوليا والاعتماد على الوقاية بدل العلاج ، هذه الأخيرة التي لازالت لم تأخذ بعد المكانة التي تستحقها بين الجزائريين في كل المجالات الصحية. وأخطر ما في الأمر أن الكثير من المرضى في الجزائريين يلجئون إلى شراء المضادات الحيوية مباشرة من الصيدليات ودون وصفة طبية، بل حتى بعد الصيادلة سامحهم الله يصفونها للمرضى بعد سماع شكواهم، خاصة إذا قال لهم المريض أنه متعود على أخذ مثل هذا الدواء. يؤكد محمد صيدلي بحي سعيد حمدين أنه لا يسأل كل المرضى عن الوصفة الطبية، ولا أن يرد طلبهم فمهمة الصيدلي هي بيع الدواء للمريض وتوجيهه حول كمية الاستهلاك و التوقيت، أما غير ذلك فالمريض أدرى بحالته و أغلب المرضى الذين يقبلون على شراء الأدوية دون وصفة هم من الفئة المثقفة عكس ما يعتقد البعض، لأن الكبار والأقل تعليما يخافون من اقتناء الأدوية دون وصفة وإرشاد، بينما الفئة الأخرى أكثر دراية بدليل الاستعمال وأكثر ثقة في هذه المسألة، لكن ما يجهلونه للأسف أن الاستهلاك العشوائي والكثير للمضادات الحيوية يضعف مناعة الجسم من جهة ويعطي مقاومة أكبر للأمراض والفيروسات، بحيث يصبح استهلاكها كعدمه، بل أن لها آثارا جانبية ومع الوقت تضعف عمل الكلى، مضيفا أن الاقبال يزداد على استهلاك المضادات الحيوية في فصل الشتاء ومع تسجيل اضطرابات جوية، وأغلبها تخص الأمراض الصدرية والتنفسية على أنواعها ودرجاتها. الفقر والمساكن الهشة وراء ارتفاع نسبة الأمراض التنفسية أرجع أغلب الأخصائيين حتى الاجتماعيين منهم ارتفاع نسبة الأمراض التنفسية في الجزائر خلال السنوات الأخيرة إلى الظروف الاجتماعية والاقتصادية المتأزمة وتفشي الفقر بفعل انتشار الأحياء القصديرية التي تنعدم فيها أدنى الشروط الصحية للحياة الآدمية، وتشير أكثر من دراسة إلى أن أغلب الأطفال الذين يعانون من الحساسية الصدرية المزمنة ومن الربو ولدوا في مثل هذه الأحياء. وحسب أحد الأساتذة في إكمالية ببني مسوس فإن أغلب المتمدرسين من القاطنين بالحي القصديري لبني مسوس والمجاورة للمقبرة الكبيرة، وأيضا من سكان ز البراركز بسيدي يوسف ويعانون من الحساسية الصدرية والربو والأزمات التنفسية ز من المؤلم أن نرى جيلا كاملا من الأطفال يكبرون في مثل هذه الظروف ويفقدون صحتهم شيئا فشيئا، فهم يقضون ليالي باردة تحت الزنك ولا يملكون حتى سقفا يؤويهم من برد الشتاء ولا حتى ملابس دافئة ولا مدفئات في البيت.. ظروفهم قاسية جدا.س، وأكد ذات المتحدث أن أحد التلاميذ توفي مؤخرا بسبب نوبة ربو حادة وكان قبلها يعاني من أزمات تنفسية متكررة، وللأسف أن كل إخوته مصابون بمثل هذه الحساسية الصدرية وغيرهم كثيرون من أطفال الجزائر قد يلقون نفس المصير في ظل مثل هذه الظروف الاجتماعية والاقتصادية المتردية والسكنات الهشة. يجدر بالذكر أن تقرير لمنظمة الصحة العالمية كشف مؤخرا أن نسبة الوفيات نتيجة الإصابة بالأمراض التنفسية بالعالم تصل إلى مليوني وفاة، أي ما يمثل بين 18 إلى 20 بالمائة من مجموع الوفيات في العالم نتيجة الإصابة بمختلف الأمراض، وأكد أن نسبة 90 بالمائة من وفيات الأطفال بسبب الأمراض التنفسية تسجل بالبلدان السائرة في طريق النمو و50 بالمائة منها بإفريقيا.