ما تزال ظاهرة العنف في الملاعب الجزائرية، في تنامي مستمر، بالنظر إلى أعمال العنف التي يلجأ إليها المناصرون، والتي باتت تخلف ضحايا وخسائر مادية معتبرة، حيث تتحول المقابلات الرياضية إلى حالات من الاشتباك بين مناصري الفريقين أو بين المناصرين وأعوان الشرطة، استفحال الظاهرة جعل هذه الملاعب محرمة على العائلات التي تفضل متابعة المقابلات عبر التلفاز، وأمام هذه المعطيات، نظمت المديرية العامة للأمن الوطني بمشاركة مختلف الأطراف الفاعلة في التنظيم الأمني لمباريات كرة القدم يوما دراسيا حول تنظيم اللقاءات الرياضية وطريقة تأمينها. في لقاء يعتبر الأول من نوعه بهذا الحجم، اجتمعت الوزارات والهيئات المعنية بمكافحة ظاهرة العنف، أول أمس بالعاصمة، في يوم درسي بهدف بحث السبل والوسائل الكفيلة بمكافحة العنف في الملاعب بحضور وزير الداخلية والجماعات المحلية دحو ولد قابلية ووزير الشباب والرياضة محمد تهمي والمدير العام للأمن الوطني اللواء عبد الغاني هامل. وخلال هذا اللقاء الذي حضره أيضا رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم محمد روراوة ورئيس الرابطة الوطنية لكرة القدم المحترفة محفوظ قرباج وكذا ممثلو النوادي الجزائرية والأجنبية تم التركيز على طرق تنظيم لقاءات كرة القدم والإجراءات الواجب اتخاذها لتفادي أعمال العنف داخل وخارج الأماكن الرياضية، كما سمح هذا اللقاء بالاستفادة من الخبرات المقدمة بهذه المناسبة من طرف خبراء فرنسيين وإسبان في مجال التنظيم ومكافحة العنف على مستوى الملاعب. وتنبع هذه المبادرة من ضرورة اتخاذ إجراءات مستعجلة لمكافحة ظاهرة العنف، خاصة أمام عدم فعالية كيفيات إدارة الأحداث الرياضية وتشابك النظام القانوني والتنظيمي المسير للجوانب الخاصة بالوقاية ومكافحة الظاهرة، في الوقت الذي أخذت فيه ظاهرة العنف في الملاعب خلال السنوات الأخيرة أبعادا خطيرة ومقلقة بالنظر إلى عدد الحوادث المسجلة وخطورة الأعمال المرتكبة، حيث أصبحت الملاعب محرمة على العائلات وملجأ للمنحرفين ومصدر للجريمة. الجديد الذي سيتم عرضه على البرلمان حسب ما صرح به وزير الشباب والرياضة، سيحدد الإطار التنظيمي والإجراءات الردعية والجزائية في إطار مكافحة ظاهرة العنف في الملاعب، على غرار استحداث مناصب لأعوان امن الملاعب والتي ستعوض تدريجيا مهمة أعوان الشرطة، إضافة إلى إجراءات أخرى من شأنها ترسيخ ثقافة السلم على مستوى هذه المنشآت الرياضية. ويبقى أن هذه المبادرة بحاجة إلى إرادة سياسية قوية، حيث أن تقليد تجارب الدول الأوربية التي نجحت إلى حد معين في احتواء ظاهرة العنف في الملاعب، قد يعطي أثارا سلبية في حال لم يتم أخذ الظروف والمعطيات الخاصة بتكوين الفرد الجزائري بعين الاعتبار.