انعقدت في رحاب قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة باجي مختار بعنابة ندوة علمية عن«اللسانيات وتطبيقاتها»نظمها مجموعة من طلاب )الدكتوراه( في مشروع اللسانيات وتطبيقاتها الذي يشرف عليه الأستاذ الدكتور خليفة صحراوي؛أستاذ اللسانيات التطبيقية بقسم اللغة العربية بجامعة عنابة،وقد جاءت الندوة لتواكب مختلف التطلعات التي يصبو إليها هذا المشروع الذي يهتم بمختلف قضايا اللسانيات التطبيقية وتعليمية اللغات وتحليل الخطاب وأمراض الكلام،كما أنها تأتي تجسيداً للأهداف التي يرمي إلى تحقيقها المشروع المذكور من خلال مختلف حلقاته البحثية، وفي مقدمتها تعزيز الأنشطة العلمية التي تتصل بهذا المجال العلمي الخصب،وتعزيز قيم الحوار العلمي الرصين بين طلاب دكتوراه مشروع اللسانيات وتطبيقاتها والأساتذة المتخصصين في هذا الميدان،إضافة إلى بناء تواصل فاعل بين الباحثين المتميزين في مجال اللسانيات التطبيقية وتحليل الخطاب،والطلاب الذين هم بصدد الانطلاق في أبحاثهم العلمية في مرحلة الطور الثالث من خلال خلق نقاشات علمية ثرية ومتنوعة تتصل بمواضيع الدكتوراه. لقد اجتمع من خلال هذه الندوة التي أشرف على تنظيمها وترأسها الأستاذ الدكتور خليفة صحراوي مجموعة من الباحثين في مرحلة الدكتوراه مع لفيف من الأساتذة المتخصصين ليتدارسوا جملة من القضايا المتعلقة باللسانيات واللغة العربية،فقد قدم طلاب مشروع اللسانيات وتطبيقاتها عدة مداخلات قيمة تتصل بموضوع اللغة العربية واللسانيات وتحليل الخطاب،كما قام مجموعة من الطلاب بعرض النتائج التي توصلوا إليها في أبحاثهم التي أنجزت في مرحلة) الليسانس(و)الماستر(،وقد دعمت هذه النتائج بالنقاش والتحليل من قبل الدكتور المكي درار،والدكتورة سعاد بسناسي من قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة السانية في وهران. فقد انتظمت الندوة على شكل مناقشات علمية مفتوحة وموسعة،وانفتحت على مواضيع متنوعة تتصل باللغة العربية وآفاقها وتطورات البحث اللساني،ومن بين الطلاب الذين أسهوا بشكل فاعل في إثراء النقاش:جميلة غريب وفريدة مرايحية وزينب خلاف و نعيمة كناز وبلال نويري ،ومن أبرز الأساتذة الذين قدموا مداخلات علمية موسعة الأستاذ الدكتور أحمد حابس الذي تحدث عن جملة من القضايا العلمية المتصلة بصناعة المعاجم وأمراض الكلام،إضافة إلى الأستاذ الدكتور علي خفيف الذي تطرق إلى مجموعة من المواضيع التي ترتبط بواقع اللغة العربية في وسائل الإعلام،حيث قدم عدة أمثلة عن قيام بعض وسائل الإعلام المرئية بالتركيز على الحديث بالعامية وتجنب اللغة الفصيحة،وهذا الأمر كما يرى الدكتور علي خفيف يعد تجسيداً لدعوات قديمة تهدف إلى ترسيخ العامية وتهميش اللغة الفصيحة. وقد تحدث بعض الطلاب عن تكنولوجيات الاتصال الحديثة ومدى إمكانية توظيفها في خدمة اللغة العربية من خلال حوسبتها،كما ناقشوا جملة من الإشكاليات التي تتصل بالمحتوى العربي الإلكتروني،وتمت الإشارة إلى مشروع «الذخيرة العربية»،وهو المشروع الذي يُشرف عليه العلاّمة الجزائري عبد الرحمن الحاج صالح، و يعُرف بأنه عبارة عن«بنك آلي من النصوص العربية القديمة والحديثة مما أنتجه الفكر العربي،فهو ديوان العرب في عصرنا فسيكون آلياً أي محسوباً وعلى شبكة الأنترنت،وهو بنك آلي أي قاعدة معطيات حسب تعبير الاختصاصيين في الحاسوبيات،وهو بنك نصوص لا بنك مفردات أي ليس مجرد قاموس،بل مجموعة من النصوص مندمجة حاسوبياً ليتمكن الحاسوب من المسح لكل النصوص دفعة واحدة أو جزء منها كبيراً كان أم صغيراً أو نصاً واحداً وغير ذلك،فهذا المسح الآلي للنصوص)العجيب السرعة(هو شبيه بالمسح المؤدي إلى فهرسة الأعلام والمفاهيم وأسماء الأماكن وغير ذلك من جهة، أي إلى استخراج كل هذا وحصره وترتيبه مع شيء إضافي جديد وهو استحضار سياقاته وذكر المرجع الكامل الدقيق.ويزيد على ذلك الحاسوب الإحصاء وتحديد تردد العناصر في النص الواحد أو في أكثر من نص،للذخيرة صفة أخرى تمتاز بها عن غيرها،وهي أنها ذخيرة مفتوحة على المستقبل غير معّلقة مثل أكثر ما هو مكتوب فهي قابلة للزيادة والتجديد للمعلومات العلمية والتقنية وفوق كل شيء قابلة لتصليح الأخطاء في كل وقت. وبالنسبة إلى محتوى الذخيرة،فهي تنقسم إلى جانبين: -ثقافي)و علمي تربوي(وجانب خاص باللغة العربية وذلك بحسب توظيفها ونوعية الأسئلة الملقاة عليها إلا أن محتواها من النصوص يُهم الجانبين معاً. فسيكون فيها في المرحلة الأولى والثانية)وربما تكفي الأولى بالنسبة للتراث(: -النص القرآني بالقراءات السبع وكتب الحديث الستة. -أهم المعاجم اللغوية)الوحيدة اللغة والمزدوجة( . -الموسوعات الكبرى العامة العربية الأصل والمنقولة عن اللغات الأخرى. -عينة من الكتب المدرسية والجامعية القيمة)الرائجة في الوطن العربي أو في بلد واحد(. -عينة من الكتب الخاصة بإكساب بعض المهارات)منها تعليم اللغة العربية(على الطريقة الحاسوبية. -عينة من الكتب التقانية القيمة. -عينة كبيرة من البحوث العلمية والثقافية القيمة المنشورة في المجلات المتخصصة. -عينة كبيرة من المقالات الإعلامية الصحفية والإذاعية والتلفزيونية والحوارات والمداخلات المنطوقة في اللقاءات العلمية وغيرها. -أهم ما حُقّق ونُشر من كتب التراث الأدبية)و الشعرية خاصة(والعلمية والتقنية من الجاهلية إلى عصر النهضة. وحجم هذه النصوص هو-حتى في المرحلة الأولى-ضخم جداً،ويبرر أصحاب المشروع هذا الحجم الكبير جداً بضرورة التغطية الواسعة للاستعمال الحقيقي للغة العربية قديماً وحديثاً،لأنه يمثل أولاً اللغة الحية النابضة بالحياة في كل الوطن العربي وثانياً أفكار العرب وتصوراتهم وفنونهم وعلومهم وأحوال حياتهم الاجتماعية والدينية والسياسية وبالتالي تاريخهم الاجتماعي وتطور كل ذلك عبر الزمن»)يُنظر:من أخبار مشروع الذخيرة العربية)أو الانترنت العربي(،وثيقة رسمية أعدت من طرف مجموعة من الخبراء بطلب من الأمين العام لجامعة الدول العربية لدراسة هذا المشروع وتقديمه للجامعة،مجلة المجمع الجزائري للغة العربية،العدد الثاني،ذو القعدة1426ه/ديسمبر2005م،ص:362 وما بعدها(. وفيما يتعلق بأهداف الذخيرة المحوسبة وفوائدها،فمن الجانب الثقافي«فهدف الذخيرة هو تمكين أي باحث أو طالب أو تلميذ)وأي مواطن(أن يتحصل في وقت وجيز وفي أي وقت المعلومات التي يحتاج إليها للقيام ببحث أو إنجاز مشروع أو لسد ثغرات في معلوماته أو تحصيل كل ما جد في ميدان معين أو استفسار عن معلومات في شتى الميادين في الوقت الحاضر أو فيما مضى وغير ذلك ثم من جهة أخرى ولمن يرغب في ذلك:الحصول على مهارات معينة في ميادين معينة توجد فيها طرائق تعليم يتم بالحاسوب. أما الجانب اللغوي فيمكن للباحث أن يتحصل على معلومات أيضاً في وقت وجيز ولولا الحاسوب لتعذر عليه ذلك تماماً في أغلب الأحوال أو قضى للعثور على بغيته الأسابيع والشهور،وذلك لحصوله على معرفة وجود كلمة معينة أو عدم وجودها في نص أو عدة نصوص أو في عصر كامل وترددها إن وردت مع حصر جميع سياقاتها وكذلك هو الأمر بالنسبة للجذور والصيغ والتراكيب وأنواع الأساليب والأمثال وكل ما يخص اللغة وعناصرها وبناها ومجاريها على اختلاف أنواعها. يتبع