بدأت الترتيبات الخاصة بالاستفتاء على الدستور المعدل في مصر المقرر إجراءه في منتصف جانفي المقبل في الوقت الذي حذر فيه محللون من انعكاس التوترات التي تشهدها الساحة السياسية والأمنية في البلاد على مشاركة الناخبين في هذا الاستفتاء فيما بدأ الحديث عن تعديل محتمل لخارطة الطريق لتمديد المرحلة الانتقالية. ويشير محللون سياسيون في مصر إلى أن الخلافات داخل لجنة تعديل الدستور حول استرضاء فئات هامة ومؤثرة في المجتمع تم إقصاؤها مثل العمال والفلاحين والنساء والأقباط قد توسع من دائرة المعارضين داخل المجتمع المصري لهذا الدستور الذي يقال إن الإسلاميين يعولون على إفشال تمريره خلال الاستفتاء. وحسب متتبعين لعمل لجنة لتعديل دستور 2012 الذي تم وضعه خلال حكم الإخوان المسلمين فإن الخشية من تضاؤل نسبة المشاركة في الاستفتاء أصبحت مثار جدل في أوساط جهات اتخاذ القرار ويكمن التخوف ليس فقط في التصويت بلا على الدستور المعدل ولكن في المقاطعة بأن يجذب هذا الاستفتاء أعداد أقل من الناخبين المشاركين في الاستفتاء على دستور 2012 والذين قدر عددهم 17 مليون مصوت من ضمن 9,51 مليون ناخب مسجل أي نسبة 9,32 بالمائة. وتعزى هذه التخوفات لعدة أسباب منها تهديدات التيارات الإسلامية المتحالفة مع الإخوان المسلمين بعرقلة الاستفتاء والدعوة للمقاطعة، ومن جهة أخرى عدم مقدرة الأحزاب والقوى المشاركة في لجنة تعديل الدستور التوصل إتوافق مرحلي واسترضاء أطرافا غاضبة لتجاوز عقبات إعداد المسودة النهائية للدستور قبل أسبوع واحد من نهاية المهلة المحددة لتقديمها للرئيس يوم 3 ديسمبر. وتتعلق الخلافات بمواد الشريعة حيث يهدد التيار السلفي في حال عدم إدراجها في الدستور الجديد بالانضمام الى المعارضين للاستفتاء وهو ما يعني مقاطعة أنصار هذا التيار للاستشارة لا سيما أن أغلبيتهم متضامنون مع الإخوان وتهدد فئات أخرى عريضة مثل العمال والفلاحين والنساء والأقباط ببقاء الخيارات مفتوحة أمامها في حال استمرار رفض اللجنة منحهم نسب وحصص معينة في البرلمان المقبل لا سيما بعد إلغاء مجلس الشورى الذي كان يمنح النساء والأقباط والشباب حصص عن طريق التعيين. كما أن القوى الثورية و المدنية تعترض على إصرار اللجنة على إدراج مادة محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري في الدستور الجديد فضلا عن اعتراض البعض على الاستثناءات الواردة في الدستور الخاصة بتعيين وزير الدفاع والتي يعتبرونها استرضاء للجيش. وفضلا عن هاجس المشاركة الشعبية في الاستحقاقات المقبلة فان هناك هاجس آخر حسب المحللين يتعلق بالركود الذي تعيشه الساحة السياسية في مصر وفقد الشارع الثقة في الإخوان حيث تسود حالة من الإحباط واللامبالاة في الأوساط الشعبية، وفي المقابل لم تستطع الأحزاب والقوى المدنية من ليبراليين ويسار بمختلف توجهاته والتي ساهمت في إسقاط حكم الإخوان المسلمين من فرض نفسها كبديل وملئ الفراغ الذي تركه التيار الإسلامي المبعد وتجديد عملية تجنيد الجماهير حول أهداف خارطة الطريق. ويسود اعتقاد لدى العديد من المحللين بأن ضعف التيار المدني في التفاعل مع الشارع المصري واحتواء القواعد الشعبية لا سيما في العشوائيات ذات الكثافة السكانية من شأنه أن يساعد الإسلاميين الذين لا يزال لهم جذور في هذه المناطق التي يمكن تنشيطها في أي وقت في تحركاتهم سواء لإفشال الاستفتاء على الدستور أو تحقيق الأغلبية في حال مشاركتهم في الانتخابات البرلمانية المقبلة المنتظر تنظيمها في شهر مارس وهو ما يمثل خطورة كبيرة حسبهم لأن ذلك سيعيد التيار الإسلامي إلى الحكم من جديد حيث أن مشروع الدستور يتجه لمنح رئيس الوزراء صلاحيات كبيرة وسيتم اختياره من الأغلبية البرلمانية. كما أن عدم وجود زعامات داخل صفوف الأحزاب المدنية تتمتع بالكاريزما لتجنيد الجماهير حولها تحسبا للانتخابات الرئاسية المقبلة سيجعل أمل القوى المدنية والثورية في وصول رئيس مدني يمثل الثورة صعب المنال. وكانت هذه الهواجس والتخوفات من احتمال أن تأتي الاستحقاقات المقبلة بمفاجآت غير مرغوبة مدخلا لطرح عدد من السيناريوهات لتعديل خارطة الطريق تمت مناقشتها في لقاءات جانبية بين قيادات حزبية بارزة ومسؤولين في الدولة داخل لجنة تعديل الدستور حسب تصريحات نشرت أمس لعمرو موسى رئيس اللجنة ومحمد أبو الغار رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي. وتتضمن اقتراحات تعديل خارطة الطريق حسب ما نقلته تقارير إخبارية أربعة سيناريوهات الأول تقديم الانتخابات الرئاسية لتسبق إجراء الانتخابات البرلمانية والثاني إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في عملية واحدة والثالث تمديد فترة حكم الرئيس المؤقت عدلي منصور 12 شهرا، أما السيناريو الرابع فيقوم على مد المرحلة الانتقالية وتشكيل مجلس رئاسي يتولى السلطة برئاسة الرئيس المؤقت. كما نقلت عن مصادر مسؤولة قولها إن تلك السيناريوهات لم تعرض بعد على سلطة الحكم ولم يتم التنسيق بشأنها مع أي جهة رسمية قبل طرحها فى المداولات التي تشمل شخصيات سياسية وقانونية من أعضاء لجنة الخمسين لمناقشتها غير أن ذلك يتطلب حسب مصادر قانونية إصدار إعلان دستوري مكمل أو إضافة مواد جديدة في مشروع الدستور الجديد وهو ما سيتوضّح خلال الأسبوع الحالي بعد التداول حول مبدأ تعديل مراحل خارطة الطريق أو مدتها مع سلطة الحكم الانتقالية.