يستعد جزائريون ل»حرق« الملايير على المفرقعات والألعاب النارية، عادة رسخت و ارتبطت باحتفالات مولد خير الأنام و المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى الرغم من تحذير المختصين وتحريم الأئمة لهذه الطريقة الاحتفالية التي لا تمت بصلة للمناسبة العزيزة على قلوب كل المسلمين، إلا أن نفس سيناريو التفجير، الترويع والتبذير يتكرر سنويا. بدأ صوت المتفجرات يدوي إيذانا ب»حرب الشوارع« التي ستشتعل ليلة إحياء المولد النبوي الشريف، أنواع جديدة من المتفجرات تظهر على الساحة كل عام بأشكال وأحجام مختلفة وتسميات مختلفة أيضا،غالبا ما تمنحها طابع الإثارة والتشويق وتدفع الشباب المولع بتجريبها والتباهي أمام الأهل والجيران،خاصة في الأحياء الشعبية. وأخطر من ذلك أن تلاميذ المدارس صاروا مدمنين على حرق المفرقعات أمام مداخل المدارس و في ساحاتها أيضا،يحملونها في محافظهم ويهددون بعضهم بها وأكثر ضحاياها هن الفتيات طبعا،مما أدى إلى تسجيل عدة حوادث طفيفة في أوساط المتمدرسين قبل أيام من حلول موعد المولد النبوي الشريف وهذا السيناريو يتكرر سنويا حيث تشتعل ساحات المدارس بتفجيرات تنسب غالبا إلى مجهولين طالما أن لا أحد يعترف بفعلته حسب ما أكده لنا بعض الأساتذة من ثانوية عمارة رشيد بابن عكنون، حيث ساعدت شساعة مساحة الثانوية، على تخفي التلاميذ الذين يتعمدون تفجير المفرقعات في أوقات الاستراحة، ومن الصعب جدا حسب الأستاذة »مليكة.ب« ضبط الفاعلين لأنه من المستحيل تعريض كل الطلبة إلى التفتيش, ويستمر الوضع على ما هو عليه حتى بعد انقضاء المولد النبوي الشريف بأيام أي حتى تنتهي ذخيرة التلاميذ.س وأضافت الأستاذة: زسمعت مجموعة من التلاميذ يستعرضون بضائعهم من باب التفاخر. فذكر أحدهم بأن والده اشترى له ما قيمته 3ملايين سنتيم من أكثر المتفجرات قوة،وأضاف الآخر أن والده اصطحبه إلى زنقة جامع اليهود سابقا واقتنى ما يعادل 4 ملايين سنتيم مفرقعات تحت تسميات مختلفة منها البوق والزندة وتسميات أخرى غريبةس. ونبه عدد من الأساتذة الأولياء الذين يقحمون أبنائهم في هذا الجو من الاحتفالات من عدم انتباههم في هذه الفترة إلى دروسهم فعقولهم وقلوبهم معلقة بجديد المتفجرات وبما اشتراه زملائهم ولم يتمكنوا هم من اقتناءه. كما دعا بعضهم إلى تنظيم حملات تحسيسية في أوساط التلاميذ لتوعيتهم بمخاطر المفرقعات من جهة وتعليمهم الطرق المثلى لإحياء ذكرى ميلاد خير الأنام. ''جامع اليهود''..قبلة هواة المفرقعات لم يقرر بعض الجزائريين بعد مقاطعة الاحتفالات النارية التي ظلت تميز مولد خير الأنام لسنوات طويلة بالجزائر،رغم دعوات الأئمة ورجال الدين بتجنب هذه البدعة التي لا تعكس من قريب أو بعيد مغزى المناسبة العظيمة ،مناسبة وجد فيها بارونات المتفجرات فرصة ذهبية لتحقيق أرقام خيالية تجاوزت عتبة ال 1000مليار سنتيم، حسبما ما كشف عنه الحاج الطاهر بولنوار الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين. أي ما يعادل 10 ملايير دج تنفق خلال أسبوع المولد. وتعتبر زنقة جامع اليهود ملتقى لأباطرة المفرقعات، طاولات صفت على مساحة تتجاوز ال100متر،اكتظت بالبضائع الصينية من كل حجم ونوع وسعر أيضا،ورغم تشابهها شكلا وحتى من حيث الأصوات التي تصدرها حين الانفجار،إلا أن تجارها يصرون على إدخال تسميات جديدة عليها سنويا،وكأن الأمر صار بمثابة سياسة تشويق لجذب اهتمام الزبائن وحثهم على بذل المزيد من المال مقابل الحصول على » شيطانة« من الحجم الكبير، »زندة«، »البوق« أو حتى » أوباما«، »الشناوة« و» الفولكون« أو حتى »الأعور« ، »تيفيف«، ز»الشيخة« أو »القادوس«. الإقبال كبير ومعتبر لشباب ومراهقين ويعضهم أولياء يرافقون أطفالهم ليلقنوهم العادة السيئة التي تلقنوها حتما من أوليائهم هم أيضا حينما كانوا في مثل عمرهم.الحي معروف بانتشار السرقات خاصة في مثل هذه الفترة لأن الزبائن يأتون حتما محملين بمبالغ مالية تصل أحيانا إلى ال5 ملايين سنتيم، حسبما أكد لنا محمد أحد الباعة الذي نفى تراجع عملية بيع المفرقعات في الجزائر، مؤكدا أن هذه التجارة مربحة ولا شك في ذلك واليوم أكثر من أي وقت مضى فالجزائريون اليوم يركزون على السلع المبهرة والغالية ولا يترددون في دفع الملايين مقابل ذخيرة معتبرة للمولد يتباهون بها في أحيائهم.بعضهم يدفع 5ملايين سنتيم دفعة واحدة والبعض الآخر 4 أو ,3 وكلما كانت السلعة أغلى كلما جذبت إليها الزبائن..هكذا هو الجزائري وأضاف يأتي بعض الأطفال والمراهقين محملين بمبالغ كبيرة من المال ليشتروا ذخيرتهم من المفرقعات لكن الكثيرين منهم للأسف يتعرضون للسرقة والاعتداء بالضرب، بعض اللصوص هنا يصطادون ضحاياهم من الصغار، لذا من الأفضل ألا يتسوق الأطفال دون أولياء لهم يحرصونهم من هؤلاء، وأحيانا حتى الكبار يتعرضون لعمليات سطو،لذا ساءت سمعة هذه الزنقة وبات يخافها الكثيرون اليوم للأسف. المفرقعات قد تسبب العمى حذر البروفيسور مصطفى خياطي رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث من المخاطر الصحية التي تحدثها المفرقعات القوية التي قد تتسبب في تمزيق طبلة الأذن إذا ما كان الانفجار قريبا،خاصة وأن المفرقعات تحتوي على مواد كيميائية خطيرة تؤثر على العين وقد تحدث انفصالا في الشبكية وقد يكون الأمر أكثر كارثية ويؤدي إلى فقدان البصر الكلي. فالشرر أو الضوء والحرارة الناجمة عن استخدام المفرقعات، تعتبر من العوامل المباشرة للإضرار بالعين الحساسة، لأن الرماد الناتج عن عملية الاحتراق يضر بالجلد والعين إذا ما تعرض له الطفل بشكل مباشر. وقد باتت هذه المواد تشكل خطرا ليس على مستخدميها فقط، بل على الموجودين في محيط استخدامها أيضا، لما تسببه من حروق وتشوهات مختلفة تؤدي إلى عاهات مستديمة أو مؤقتة، كما تحدث أضرارا في الممتلكات جراء ما تسببه من حرائق، إضافة إلى التلوث الضوضائي. وقد سجلت حالات إصابات عيون بعض الأشخاص بهذه المفرقعات، وتمثلت في حروق في الجفن وتمزق في الجفن أو دخول أجسام غريبة في العين أو انفصال في الشبكية وقد يؤدي الأمر إلى فقدان كلي للبصر. للإشارة، تعتبر الألعاب النارية من أسباب التلوث الكيماوي والفيزيائي، وكلاهما خطر فالرائحة المنبعثة من احتراق هذه الألعاب تؤدي إلى العديد من الأضرار، بالإضافة إلى الأضرار الكارثية التي قد تنتج عن انفجار الألعاب النارية إذا كانت مخزنة بطريقة خاطئة. ويؤذي الأطفال أحيانا بعضهم بعضا أثناء تفجير المفرقعات، كما تؤدي البعض منها إلى ترويع الأطفال النائمين الذين يستيقظون على أصوات هذه المفرقعات بما يسبب لهم الهلع والخوف، وهذا وجه آخر للمضار النفسية المترتبة عن هذه الألعاب الخطرة. ويبقى للمدرسة ووسائل الإعلام دور محوري في هذا الإطار إلى جانب دور الشرطة والأسرة للحد من هذه الممارسات. وقد أجمع علماء الدين بالجزائر على عدم جواز الإحتفال بالألعاب النارية في المولد النبوي الشريف لما يترتب عنها من تبذير للأموال وضرر بالأشخاص والممتلكات أيضا، ففي حين دعا الأستاذ يوسف بلمهدي إلى إحياء ذكرى مولد خير الأنام بالذكر وقراءة القرآن وإحياء السيرة النبوية الشريفة مع تجنب المفرقعات والمتفجرات التي لا تمت للمناسبة بصلة، إضافة إلى أنها تتسبب في الأذى للمواطنين، حرم الشيخ شمس الدين بوروبي الاحتفال بالألعاب النارية والمفرقعات، معتبرا ذلك بدعة، كونها تؤدي إلى إلحاق الضرر بالأشخاص وترويع الآمنين، إضافة إلى التبذير الذي يحصل بهذه المناسبة والذي يعتبر محرما.