المولد النبوي يتحول إلى كابوس مرعب بالجزائر تتحول الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف كل عام في الجزائر إلى ما يشبه الكابوس بالنسبة لفئات واسعة من المجتمع، حيث أن "الطقوس" الاحتفالية الغريبة التي تتضمن تفجير المفرقعات بمختلف أنواعها وأحجامها وترويع النساء والشيوخ والأطفال وكل من تسول له نفسه الخروج يومها، تفرض ما يشبه حظرا للتجول لكل من آثر السلامة لنفسه، يحجم الكثيرون من كبار السن والفتيات والنسوة عن الخروج لقضاء حوائجهم أو حتى للعمل والدراسة خشية التعرض للهجوم من طرف أطفال ومراهقين يتمتعون بإفزاع المارة، غير آبهين بما تسببه تلك الأسلحة الخطيرة من فزع وحروق وإصابات للمستهدفين بها تصل في أحيان كثيرة إلى عاهات مستديمة أو جروح يصعب شفاؤها.وفي هذا الصدد تشير مصادر طبية أنه يتم تسجيل إصابة العشرات من الأشخاص على اختلاف أعمارهم بمفرقعات على مستوى الوجه خاصة، ما تسبب في فقدانهم إحدى أعينهم، فيما أن آخرين وبسبب الخوف من شدة انفجار تلك المفرقعات ارتفعت نسبة الغلوكوز في دمهم بشكل سريع إلى درجة أنه تم بتر إحدى أعضائهم السفلية، وتشير المصادر الطبية إلى أن مصالح الاستعجالات تعرف استنفارا كبيرا وتشهد اكتظاظا بسبب كثرة الإصابات المتمثلة خاصة في الحروق على مستوى الوجه والرأس وخاصة العينين وحتى على مستوى الأطراف العلوية والسفلية، وهو ما يتطلب تكفلا طبيا خاصا قد يطول معه العلاج لشهور عديدة أو يكون غير ذا جدوى في بعض الحالات، ففي العاصمة وحدها تشير حصيلة للحماية المدنية إلى أن خمسة أشخاص قد أصيبوا بجروح خطيرة على مستوى الأعين والأعضاء العلوية خلال الاحتفال بعيد المولد النبوي للسنة الماضية كما سجلت 30 إصابة بحروق خطيرة .وتشهد المؤسسات التعليمية في كل الأطوار ما يشبه حالة الطوارئ، وتحجم الكثير من المعلمات والتلميذات عن الدراسة خوفا من كابوس المفرقعات، ويؤكد بعض المعلمين أن هناك من التلاميذ من يجدون رغبة جامحة في "ترهيب" زملائهم ومعلميهم خلال فترة الاستراحة وحتى أثناء الدرس. من جهة أخرى كشفت مصالح الجمارك عن حجز ما لا يقل عن 17 مليون لعبة نارية بقيمة تعادل 700 مليون دينار خلال السنة الماضية، وهي السلع التي تم حجزها بميناء العاصمة وبكل من النقطتين الحدوديتين في مغنية وتبسة وأيضا في مدينة سطيف، وتتراوح السلع المحجوزة بين مفرقعات بسيطة إلى أخرى قد تسبب أضرارا جسيمة، وقد تم استيرادها حسب المديرية العامة للجمارك بسجلات تجارية مستعارة ويتم إخفاؤها في حاويات بضائع بتصاريح كاذبة وتكون عموما صينية الصنع، وأكد مسؤولو الجمارك أن هذه التجارة المحظورة تدر أرباحا فاحشة حيث أن حاوية واحدة من المفرقعات بقيمة 2 مليون دينار تدر أرباحا تصل إلى 28 مليون دينار، وقد حجزت ذات المصالح بميناء العاصمة حاويتين اثنتين يوم الخميس الماضي معبأتين بالألعاب النارية والمفرقعات بقيمة 40 مليون دينار، كما حجزت ثلاثة آلاف وحدة مفرقعات بمدينة ورقلة .ظاهرة استعمال المفرقعات والألعاب النارية التي تشهد انتشارا كبيرا في الجزائر بالرغم من أن القانون يحظر صناعة وبيع واستيراد المفرقعات وجميع الألعاب النارية، ورغم الخطورة الكبيرة التي تشكلها خاصة بالنسبة للأطفال، إلا أنه بمجرد اقتراب مناسبة المولد النبوي الشريف كل عام تجد الأسواق تفيض بكميات هائلة من هذه السلع وبمختلف الأحجام والأشكال والأسعار التي تصل في بعض الأحيان إلى ثلاثة آلاف دينار بالنسبة لبعض الأنواع، ويؤكد التجار الصغار أنهم يتموّنون بها من تجار الجملة الذين يقتنونها هم أيضا من شبكات كبيرة تستورد هذه المواد من بلدان آسيوية. المختصون في الشريعة الإسلامية يؤكدون أن مثل تلك التصرفات لا تمت بصلة لإتباع السنة النبوية الشريفة وأنها قد شوهت هذا الاحتفال الديني وأبعدته عن بعده الروحي، فضلا عن التناقض الكبير بين إتباع السنة النبوية وبين الإضرار بالآخرين من خلال التسبب لهم في جروح أو عاهات مستديمة، كما أن الاستعمال المفرط لهذه المواد يمكن اعتباره تبذيرا يحظره الدين.