تعاني العديد من دول العالم من ظاهرة الكتابات والرسومات الحائطية، لكنها تجاوزت في مدينة عنابة الحدود الأخلاقية والإجتماعية، حيث تحولت مدينة بونة مؤخرا إلى منطقة مفضلة ل»قليلي الأدب«، فلم تسلم جدران مختلف المؤسسات واللوحات الإشهارية من هذا السلوك الطائش، الذي يتأسف له سكانها، ولم يكفها الإجرام المتفشي والأوساخ المنتشرة هنا وهناك، حتى يزيد عليها هؤلاء الذين أشهروا انحرافهم وقلة أدبهم أمام الملأ من دون رادع. الزائر لمدينة عنابة والداخل إليها من الجهة الغربية أو الشرقية ومن كل الاتجاهات عليه أن يغمض عيناه سواء كان وحيدا أو رفقة عائلته حتى يقول السائق لقد وصلنا ثم فليفتحها كما يحلو له، والسبب هو الرسومات والكتابات الحائطية التي تجاوزت كل الحدود، فهذه المرة ليست لتنتقد رئيس نقابة ارسيلور ميطال عنابة كما وقع سابقا لإسماعيل قوادرية ومنادي أو تنتقد وتشتم ذلك المترشح أوغيره، بل اليوم أصبح قليلي الأدب والمنحرفون أخلاقيا يعبرون عن مكبوتاتهم بطريقة مشينة وتخدش الحياء ولا يهمهم ما فعلوه وانعكاسه عليهم كأشخاص وجزء من المجتمع. فاللوحات الإشهارية المنصبة عند مدخل المدينة، في منطقة سيبوس وبالقرب من محطة نقل المسافرين لما بين الولايات بوسط المدينة » سيدي إبراهيم« كلها تخدش الحياء وتشمئز منها النفوس، لم يحرك لا أصحابها ولا المسؤولين بعنابة ساكنا، فالكتابات تذكر بالإسم فتيات لا نعرف من هم، ورسومات عن العشق والهيام مثلما لاحظناه ولم نستطيع تصويره جيدا بسبب كثرة السرقة هناك وتجول يومي للعصابات والمنحرفين ونكتفي بنقله كما هو فمثلا : أحبك يا إيمان، أريدك أن تكوني بجانبي، يوسف، ياسين... ورسومات عن القلب وأخرى عن جسد المرأة. أما عندما تسلك الطريق المؤدي إلى عنابة مركز، فعلى طوله تجد من الجهة الخلفية لمدرسة الشرطة يوجد المحظور، حيث تلمح رسما جنسيا إباحيا خطر على أهل ورواد المدينة خاصة التلاميذ والأولاد الصغار، والذي سيؤثر عليهم بشكل سلبي في المستقبل خاصة وأنها بالجهة المقابلة توجد ثانوية ومدرسة ابتدائية لسيدي إبراهيم، ناهيك عن الكتابات التي بجانبها تفسر أكثر ما كان يقصد أصحابها، لكن ولحسن الحظ فقد تم التفطن إليها وأعيد طلاء جدار المدرسة وأخفيت تماما. ولم تسلم من هذه الكتابات والرسومات الحائطية المؤسسات التربوية، والمؤسسات الإقتصادية وحتى منازل المواطنين، الحدائق العمومية وغيرها، وقد حاولت »صوت الأحرار« تفسير الظاهرة التي تراها في كل مكان وفي كل ركن من أركان وشوارع بونة، حيث اتصلت هاتفيا بمجموعة من المختصين في علم النفس وعلم الاجتماع الذين كانت آراؤهم متباينة، وقد استغربوا لعدم تحرك المسؤولين وإعادة الأمور إلى نصابها، من خلال إعادة طلاء المؤسسات والحيطان التي اتخذتها مجموعة منحرفة قالوا بأنهم مرضى نفسانيا ومنحرفون أخلاقيا مشحونين كثيرا ويفرغون شحناتهم اللامسموحة في مؤسسات اعتبروها رمزا وممنوع الاقتراب منها. فمحدثونا أرجعوا الأسباب كذلك، إلى الضغوط النفسية التي يتعرض له الشاب أو الشابة أو حتى الأطفال والكهول، خاصة وأن هذه الفئة لا تستحي من فعل دلك التصرف المشين، ولا يستبعدون أبدا أن يقوموا بذلك، فتركيبة المجتمع حسبهم تغيرت كثيرا والحياة كذلك وأصبح من هو سوي ينقلب لسبب أو لأخر ويصبح في درجة اللاسوي ويفعل ما يشاء، وأحيانا يرجع إلى السلوك عمدا ليفرغ غضبه أو قلقه وقد ارجعوا السبب كذلك إلى نقص الوازع الديني والى تنشئة الفرد في حد ذاته وفي محيطه. أما سكان بونة فبعضهم أرجع الظاهرة، إلى وجود منحرفين كثر بالولاية والى وجود عائلات لا تعرف كيف تربي أولادها، وتعيش من أجل التفاخر بالأبناء وعددهم لا بتربيتهم، وأرجعوا ذلك أيضا إلى القنوات الإباحية وما تقدمه للعرب من أغاني وأفلام هابطة ومبتذلة، أما آخرون فقد ارجعوا السبب إلى أن بونة أصبحت تجمع كل عائلات ولايات الجمهورية الذين بعضهم في أصله غير متخلق، ورفضوا أن يكون الفاعلون من أبناء المنطقة بالإضافة إلى كثرة بيوت الدعارة في المدينة وغيرها. وبين ما يقوله العنابيون وغيرهم عن الظاهرة وتباين في الآراء، فإن المهم الآن هو وضع حد لهؤلاء وتفعيل عمل شرطة الآداب في كل مكان وليس في الشواطئ والغابات.