لجأت بعض النقابات الوطنية إلى تأجيل احتجاجاتها إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، فيما فضلت بعضها استغلال فُرصة الحملة الانتخابية من أجل تبليغ انشغالاتها والضغط في الوقت نفسه على السلطات المعنية لتحقيق مطالبها مبررة ذلك بالتماطل الذي لا تزال تُمارسه هذه الأخيرة في تجسيد التزاماتها..يأتي ذلك قبل 22 يوما فقط عن الاستحقاق الرئاسي المرتقب في 17 أفريل. يتعلق الأمر أساسا بكل التنسيقية الوطنية لأعوان الحرس البلدي والنقابة الوطنية للأسلاك المُشتركة والعمال المهنيين التي تنشط بقطاع التربية والمجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي والبحث العلمي »كناس« والاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين »إينباف« وتنسيقية عمال الموانئ..وغيرها من النقابات التي فضلت عدم شن أي احتجاجات في هذا الظرف بالنظر إلى الالتزامات التي تقدمت بها السلطات العمومية عشية الرئاسيات، فيما فضلت نقابات أخرى استغلال »فُرصة« ما قبل الرئاسيات من أجل تحقيق مطالبها وهو الحال مثلا بالنسبة لنقابة عمال السكك الحديدية وكذا بعض فروع نقابة عمال المؤسسة الوطنية للنقل الحضري والشبه الحضري. في هذا السياق، لجأت التنسيقية الوطنية لأعوان الحرس البلدي إلى تأجيل احتجاجاتها إلى ما بعد الانتخابات رافضة أي محاولة لتسييس مطالبها ومانحة بذلك فُرصة للسلطات المعنية لتسوية مطالبها قبل اتخاذ موقف آخر مباشرة بعد 17 أفريل، وهو ما تجسد من خلال إلغاء المسيرة التي كانت مقررة يوم 19 مارس الجاري المُصادف ليوم النصر انطلاقا من المحمدية إلى مقام الشهيد، علما أن انشغالات هذه الفئة تتمحور أساسا حول مطالب اجتماعية ومادية كالاستفادة من أموال الخدمات الاجتماعية والساعات الإضافية.. نفس الشيء بالنسبة للنقابة الوطنية للأسلاك المُشتركة والعمال المهنيين بقطاع التربية، التي هددت بدورها بوضع خطة لموجة من الاحتجاجات تُباشرها مباشرة بعد الرئاسيات في حال ما إذا لم تُسارع الوصاية في إيجاد حلول لمطالبها على رأس ذلك مراجعة القانون الأساسي والنظام التعويضي، وهو نفس المسار الذي لمح إليه كذلك المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي والبحث العلمي »كناس« الذي أجل حركته الاحتجاجية بعدما التزم وزير القطاع، محمد مباركي، بفتح باب الحوار وإيجاد حلول عاجلة لمطالبه لكن يبدو أن الأمر تعطل مما جعل أحد قياديي هذا التنظيم النقابي يُؤكد لنا في اتصال هاتفي به، أن المكتب الوطني سيجتمع بعد الانتخابات للنظر في الخطوة القادمة. وبدورها أبدت بعض الفروع النقابية التابعة للاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين »إينباف« تذمرها وامتعاضها مما أسمته »التقاعس والمماطلات الجارية على مستوى عدد من المراقبين الماليين بعدد من الولايات في تجسيد قرارات الإدماج في الرتب المستحدثة التي استفاد منها أساتذة التعليم المتوسط سنة 2013«، ما جعلها تهدد بالعودة إلى الاحتجاج لكن القيادة الوطنية للنقابة فضلت تأجيل ذلك إلى ما بعد الانتخابات، ويبدو في هذا الإطار أن الأمر لا يقتصر على المُشكل المذكور فقط بحيث سجلت هذه الفروع تماطلا كذلك في تجسيد النتائج التي توصلت إليها جلسات التفاوض التي جمعت مؤخرا نقابات قطاع التربية مع الوزير عبد اللطيف بابا أحمد وكذا مع الوزير لدى الوزير الأول المكلف بإصلاح الخدمة العمومية، محمد الغازي والتي جاءت بعد الإضراب الذي دام أكثر من ثلاثة أسابيع. أما نقابة عمال السكك الحديدية وبعض الفروع النقابية لعمال مؤسسة النقل الحضري وشبه الحضري »إيتوزا« ففضلت استغلال فُرصة ما قبل الرئاسيات لرفع مطالبها من جديد خاصة مع إصرار الإدارة على تجاوز تجسيد بعض التزاماتها بحيث لم يتم لغاية مساء أمس وقف إضراب السكك الحديدية فيما يبدو أن الإضراب الذي تشهده مؤسسة »إيتوزا« في بعض الولايات بدأ يتوسع أكثر، والغريب في الأمر أن هاتين النقابتين تنشطان تحت لواء الاتحاد العام للعمال الجزائريين الذي كان شدد أمينه العام عبد المجيد سيدي السعيد في تعليمات وجهها مؤخرا إلى الأمناء العامين للفدراليات والنقابات الوطنية تأجيل أي احتجاج إلى ما بعد الانتخابات باعتبار هذا التنظيم النقابي من الداعمين للمترشح عبد العزيز بوتفليقة ومن بين الأطراف الموقعة على العقد الاقتصادي والاجتماعي للنمو الذي يلتزم من خلاله ضمان التهدئة والعمل على إيجاد الحلول لمشاكل العمال عبر الحوار والتشاور.