أكد عمار سعداني الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، في حوار أجرته يومية »الشروق« التونسية خلال التجمع الذي أشرف عليه نهاية الأسبوع مع الجالية الجزائرية المقيمة بتونس، أن الجزائر عاشت ربيعها في 1988 ودفعت أكثر من 200 ألف شهيد، مشددا على أن بوتفليقة لم يكن راغبا في الترشح لرئاسيات 17 أفريل غير أن الشعب أجبره على ذلك، حيث أشار إلى أن الجزائريون قادرون على صد أي محاولة تستهدف أمن واستقرار الجزائر. تقوم بزيارة إلى تونس في أي إطار تندرج هذه الزيارة ؟ جئت إلى تونس باعتباري ممثلا لفخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لغرض واحد وهو أن اتصل بجاليتنا في تونس الحبيبة ولذلك فان برنامج الزيارة ضيق وسأحضر التجمع الشعبي مع الجالية في الجنوب والشمال والوسط حتى أفسر لهم بعض المسائل التي تتعلق بهم ومصالحهم كجالية والمكاسب التي تحققت للجالية في عهد فخامة الرئيس ثم أيضاً حثهم على تكثيف العمل من اجل توطيد العلاقة بين تونسوالجزائر والخطوات التي قام بها فخامة الرئيس والمسؤولون التونسيون مع بعض خلال المراحل التي مرت بها تونس، وهذا تقريبا ما أريد تبليغه لجاليتنا. تجرى رئاسيات 17 أفريل في ظرف خاص اسمه »الربيع العربي«، كيف ترون ما تعيشه المنطقة بشكل عام والجزائر خاصة؟ لابد من النظر إلى الموضوع بشكل أكبر هناك عولمة غزت العالم ما نسميه نحن بالربيع العربي عاشته دول كبرى المجموعة الاشتراكية كلها سقطت منذ الثمانينات وبالتالي لا يجب أن ننظر على أن العالم العربي مستهدف، هناك عولمة وهناك تغييرات هيكلية تشمل الاقتصاد والأمن والسياسة لذلك ما يجري في العالم العربي نحن عشناه بشكل مسبق وميزة الجزائر ان ربيعها كان مع الدول الاشتراكية وسنة 1988 عشنا هذا الربيع كنا في زمن الحزب الواحد وانتقلنا الى تعددية حزبية وكنا لا نملك حرية الإعلام الآن إعلامنا تعددي وكان نظامنا عموميا في الاقتصاد وأصبح اقتصادا حرا والى آخر التحولات، يجب أن لا ننسى هذا لذلك نحن سبقنا الربيع العربي وكنا مع الربيع السوفياتي والاشتراكي وما يجري الآن نراه يدخل في هذه العولمة قد يكون أكثر تدميرا بالنسبة الى العالم العربي بحكم الوضع السياسي والاقتصادي لكن في رأينا هذه موجة ستمر وبالنسبة لنا كنا نحبذ ان تمر الجزائر بما مرت به تونس ونحن سعداء جدا بما تعيشه تونس لان الجزائر عاشت هذه المراحل كان لنا حوار وطني ومرحلة انتقالية وبعد ذلك استقر الوضع واستتب الأمن في الجزائر. ألا ترون أن الجزائر معنية بهذه التحولات بحكم الحسابات الدولية؟ السؤال المطروح لماذا؟ إذا كان من أجل الديمقراطية فنحن حقّقناها منذ أواخر الثمانينات وإذا كان من اجل الاقتصاد الحر فاقتصادنا حر وإذا كان من اجل الاندماج في العولمة فنحن مندمجون ومن بين الدول التي تعمل من أجل أن تكون فاعلة في المنظمات الأممية أما إذا كان من أجل شيء آخر فالجزائريون مستعدون من اجل الدفاع عن بلادهم. عبد الملك سلال قال إن الربيع العربي هو حشرة ومبيد ها في الجزائر، ما تعليقك؟ هذا رد على الذين يفهمون الربيع العربي فهما خاطئا هناك من يحب أن يجر الجزائر إلى فوضى وليس إلى ديمقراطية، الدول التي أصيبت بهذا الزكام المسمى بالربيع العربي من اجل مشاكل اجتماعية واقتصادية لكن هده المشاكل تجاوزتها الجزائر بعد أن دفعت أكثر من 200 ألف شهيد.الإرهاب قاومناه في التسعينات عندما كانت الدول العربية تنعم بالسياحة لذلك لا يمكن أن ننظر إلى الجزائر على أنها في وضع خاص وأنها تحت حكم عسكري كل هذا باطل ولا صحة له ولا يليق بمكانة الجزائر، الجزائر تمتاز عن الدول العربية بأنها تملك خبرة طويلة في مقاومة الاستعمار ولها جيش جمهوري ومازال المجاهدون وأبناؤهم وأحفادهم فاعلين في القرار السياسي وكذلك النقابات لكن لا اعتقد ان ما جرى في بعض الدول العربية يمكن أن ينسحب على الجزائر. ما يسمى بالربيع العربي جاء بالانتقال الديمقراطي لكن بالتهديد الإرهابي أيضاً مثلما يحدث في ليبيا، كيف تنظر الجزائر إلى الوضع في ليبيا؟ القوى الكبرى تريد تغييرات لكن بأقل الخسائر، الآلة الوحيدة التي يمكن أن يحققوا بها هذه التغييرات هي القوى الداخلية بعد أن تكبدوا خسائر كبيرة في أفغانستان والعراق والآلة الوحيدة هي الآلة الإرهابية وذلك لتحقيق هدفين أولا تجميعهم للقضاء عليهم وكسر البنية التحتية لإقامة دولة جديدة وهذا ما جرى. ما هو دور الجزائر في مواجهة المحنة التي تهدد المنطقة؟ اعتقد أن الولاياتالمتحدة دبرت كل شيء لكنها بعيدة عن مكان الصراع لذلك ليست منزعجة لكن الدول القريبة مثل فرنسا وإيطاليا منزعجة وهدا طبيعي، أمريكا تخلصت من الإرهابيين الذين كانوا موجودين في أوروبا التي قدمت خدمة كبيرة للأمريكان لأنها تملك كل شيء عنهم لذلك أنا أرى أن الربيع العربي له هدفين الهدف الأول هو ضرب وتصفية الحركات الإسلامية وإنهاء الدور الإسلامي خاصة الإسلام السني ومن يعتقد أن الإدارة الأمريكية ضد الشيعة مخطئ الدور الآن على الوهابية التي ستستهدف من السعودية نفسها وتنظيم الإخوان المسلمين الآن هناك سياسة جديدة لذلك تم تصنيف الإخوان كتنظيم إرهابي من دول كانت ترعاهم والجماعات المسلحة الآن محاصرة في سوريا مثل تنظيم داعش المحاصر الآن في العراق بعد أن ضاق عليه الخناق في سوريا. إذا نظرنا نظرة شمولية للعالم العربي نرى أن الخطة الأمريكية للقضاء على الإرهابيين تسير بدهاء كبير هل يعني هذا أن دور الإسلام السياسي انتهى؟ الآن هو محاصر في بريطانيا وكندا وربما دول أخرى في الطريق، لقد عرفوا عنهم كل شيء وجمعوا ما يكفي من معطيات عنهم هناك، اعتقد أن الحوار الآن مع إيران وحزب الله وهناك خطوات متقدمة في هذا الاتجاه من خلال الحوار مع إيران وسيصلون إلى حلول وتخفيف الضغط على حزب الله وتقدم القوات السورية في محيط لبنان كله في ريف دمشق وخامسا التوافق الذي حصل في لبنان، الآن الحوار سيكون بين أمريكا والشيعة لأنها تنظر للشيعة على اعتبار أنها تستطيع أن تتحكم فيهم باعتبار نظرية الإمامة لذلك نجد أن السعودية اتجهت وجهة أخرى ذهبت الى مصر لخلق قطب سني يبدأ من باكستان وينتهي في مصر استعدادا لمواجهة الخط الإيراني كما اتجهت نحو التسلح من روسيا وكلها مؤشرات تؤكد أن الولاياتالمتحدةالأمريكية والسعودية يتباعدان، لكن لا يخشى أن يكون هذا بابا للفتنة في الوطن العربي بين الشيعة والسنة وإلا تكون أحداث غرداية في الجزائر مثلا مقدمة لهذا لا قدر الله ؟ الإخوة في تونس يتابعون ما يجري في الجزائر من خلال الإعلام أكثر من حقيقة ما يحدث، أحداث غرداية ليست أكثر من خصام بين عائلتين تم تأويله والنفخ فيه، هناك يد خارجية لكنها يد مقطوعة ولا تقوى على شيء، المكان ليس استراتيجيا هي منطقة سياحية عزيزة علينا القوى الخارجية تبحث عن المكان الذي تستطيع أن تزرع فيه خلافا، هذه المنطقة تجارية، الدكان يمثل مصدر رزق عندما تحرق لشخص دكانه من الطبيعي أن يرد الفعل. كيف ترى مستقبل المغرب العربي بعد انهيار الوضع في ليبيا؟ إخوتنا العرب ناضلوا من اجل القومية العربية والوحدة، نحن في الجزائر لا ننظر للمسألة من هذه الزاوية، كيف يمكن أن نحقق الوحدة العربية ونحن مازلنا لم نحقق الوحدة الوطنية أحيانا نحن نرى أن المغرب العربي سيأتي بعد أن يستقر الوضع بشكل نهائي. كيف تنظرون للتعاون الأمني التونسيالجزائري للقضاء على الإرهاب؟ خبرة الجزائر وإمكانياتها وجيشها الوطني مستنفر للقضاء على الإرهاب ومنع تسلل من الجهتين، وحقق الجيش والدرك الوطني نجاحا في إجهاض كل محاولات الإرهابيين وحتى في عين أميناس تم القضاء عليهم في لحظات، كل الجزائريين متحدون في محاربة الإرهاب بكل ما نملك، بالنسبة لتونس لا توجد مشاكل إلى حد الآن لكن الخطر يمكن أن يأتي من ليبيا وقد كان تدخل الناتو مقصودا لأنهم يعرفون أن فيها ترسانة أسلحة ممكن أن تصيب قارة كاملة والآن هم يعملون من اجل ذلك في مالي والسودان ودول أفريقية أخرى لذلك في رأيي أن الخطر الكبير هو ما يجري في ليبيا ولولا ايطاليا وإسبانيا وفرنسا وبعض الدول المتضررة لأحرقوا كل شيء لهذا نحن في الجزائر واعون بهذا وجيشنا في حالة استنفار كامل وأنا أقول أن القارة الإفريقية كلها مستهدفة واعتقد ان تونسوالجزائر نسبيا في حصانة والجزائر قادرة على مساعدة تونس في مواجهة الإرهاب وفخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أعطى تعليمات إلى الجيش والدرك والمخابرات على أن يكونوا في يقظة كاملة للتصدي للإرهاب ومساعدة تونس. هل أنتم مطمئنون للانتقال الديمقراطي ومآلاته في تونس؟ إذا تواصل التوافق التونسي نعم والى حد الآن اعتقد أنكم في الطريق الصحيح نحن أيضاً عشنا تجربة الانتقال الديمقراطي ولم نتخاصم كحركات سياسية كنا نختلف فقط ومعركتنا كانت ضد الإرهاب وليس بين القوى السياسية، لدينا اليسار المتطرف والمعتدل وكذلك الإسلاميون لكن الحوار الوطني أنقذنا وكتبنا دستورا ونظمنا انتخابات إلى أن وصلنا إلى ما وصلنا إليه ثم عالجنا قضايا الإرهاب والمغرر بهم ولا تنسوا أنكم في تونس تنتظرون عودة دفعة كبيرة من سوريا وهم تونسيون. هذا يحتاج يقظة وإذا اعتمدتم منطق الحوار ستتمكّنون من استيعابهم لأن أغلبهم مغرر بهم بسبب البطالة والتهميش نحن عشنا هذا وبإمكانكم أن تستفيدوا من خبرة الجزائر في هذا المجال. ما هي موازين القوى في الجزائر حسب الانتخابات الجزائرية، وماهي حظوظ بوتفليقة؟ فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عندما ترشح المرة الأولى للرئاسة وعد بمجموعة من الإصلاحات منها إطفاء نار الفتنة وقد نجح في ذلك من خلال الوئام الوطني والمصالحة وفي المصالحة كل المغرر بهم تم إدماجهم وتم تجفيف منابع الإرهاب ولم يبق إلا القادمون من أفغانستان وباكستان وبيشاور الذين تم القضاء عليهم لان الإرهاب في الجزائر كان إرهابا وطنيا بمعنى غير مستورد وليس فيه تدخل أجنبي والقادمون من آسيا كانوا قلة ونجح الجيش في استئصالهم والقضاء عليهم أما بقية الجزائريين الغاضبين فقد عادوا إلى حضن الوطن. وكانت الجزائر في حصار كبير حتى أني أذكر أن مطار هواري بومدين لم تكن فيه إلا طائرات الخطوط الجزائرية يعني أنه لا توجد أي رحلة إلى الجزائر فلا سياحة ولا استثمار رغم أن الوضع لم يكن سيّئا إلى هذا الحد وكانت صورة الجزائر هي الجحيم لذلك قام بوتفليقة برحلات ماراطونية إلى كل مكان من إفريقيا إلى أسيا إلى أمريكا اللاتينية وإذا اليوم هناك من يقول إن الرئيس مريض فلهذا السبب. تصور أن الرئيس لم يترك قارة لم يزرها حتى قيل عنه انه يسكن في الطائرة، لذلك نجح في ان أعاد للجزائر مكانتها والأجانب اليوم يتنافسون على الفوز بمشاريع في الجزائر في البناء والسكن والطرقات والرئيس نجح في التنمية وفي عهده سددت الجزائر كل ديونها كنا لا نملك ما نشتري به القمح لمدة شهر اليوم الحمد لله. كنا نعاني من شروط البنك الدولي مثل تصفية المؤسسات وطرد العمال ورفع الدعم وإعادة الجدولة تخلصنا من كل هذا الجزائر اليوم من الدول القليلة جدا التي ليس لها ديون بل نحن مقصد المنظمات الدولية التي تطلب سلفة من الاحتياطي النقدي الجزائري، نحن دفعنا ثمنا غاليا للإرهاب والآن نبني بلادنا، في عهده أيضا تم تعديل الدستور وتم حسم مشكلة الأمازيغية بالدستور وكذلك مشاكل الإعلام الذي أصبح حرا ولا توجد دولة فيها حرية الإعلام مثل الجزائر اليوم، هذه الخطوات جعلت للرئيس مكانة عند الناس وهو لم يكن قابلا للترشح وهذا أقوله للأمانة والتاريخ لكن الشعب اجبره على الترشح وذلك لسببين أولا إبعاد التدخل الأجنبي هذا الرئيس يقدر على غلق باب التدخل الأجنبي لأنه يملك الكفاءة والخبرة والتقدير الدولي الذي يحظى به والسبب الثاني أن كل الولايات استفادت من التنمية.