استطاع المرشح عبد العزيز بوتفليقة لرئاسيات 17 أفريل الجاري، أن يتميز وسط منافسة قوية شهدتها أيام الحملة الانتخابية على مدار 22 يوما، هذا الفارق صنعه ترشحه بالدرجة الأولى استجابة لنداء الشعب وبعد أن سعت عديد الجهات إلى منعه ووجهت له انتقادات واسعة للحيلولة دون ذلك، وفي إطار بعد ديمقراطي واستجابة لنداءات عديد الفئات الشعبية لبى بوتفليقة النداء وناب عنه في الحملة قياديون وشخصيات وطنية عكفوا على تذكير الشعب بانجازاته والحديث عن برنامجه المقبل الذي سيؤسس لجمهورية ثانية تسلم إلى جيل الاستقلال. في منافسة لم تكن بالسهلة، رفقة خمسة مرشحين قرروا أن يخوضوا غمار السباق نحو قصر المرادية، يبقى بوتفليقة الفارس والمرشح الأوفر حظا لاعتلاء كرسي الرئاسة، بالنظر إلى انجازاته التي حققها طيلة 15 سنة والمرتبطة أساسا باستتباب الأمن والسلم بعد عشرية دامية، استرجاع مكانة الجزائر بين الأمم ودفع عجلة التنمية نحو الأمام بما ساهم بتوفير مناصب عمل وتوزيع آلاف السكنات على المواطنين وغيرها من المشاريع التي تحققت على أرض الواقع. الوضع الصحي لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة والمرشح للرئاسيات الذي عانى منه بعد تعرضه لنوبة اقفارية نهاية شهر أفريل ,2013 لم يكن عائقا ليواصل مسيرة النضال التي خاضها منذ أن كان شابا، بوتفليقة استرجع عافيته بطريقة تدريجية، وقرر أن يستجيب لنداء الشعب ونداء الوطن باسم الواجب، ليقف مرة أخرى في وجه الإعصار، ومهما تعالت الأصوات الرافضة لترشحه، إلا انه التزم بمواصلة برنامجه الذي يريد من أن يضع من خلاله الجزائر على السكة الصواب. وقد حملت خطابات ممثلي مرشح رئاسيات 17 أفريل عبد العزيز بوتفليقة خلال الحملة الانتخابية التي أسدل الستار عنها يوم الأحد الفارط، ثلاثة محاور أساسية تضمنها البرنامج الانتخابي للرئيس بوتفليقة، والتي تمس بصورة مباشرة ما تصبو إليه الطبقة السياسية وتنادي به الجبهة الاجتماعية إلى جانب تصور بوتفليقة للشق الاقتصادي الذي يعد أحد الرهانات التي يتم التعويل عليها خلال السنوات الخمس المقبلة في حال فوزه بعهدة رئاسية جديدة. تعديل الدستور والانتقال إلى جمهورية ثانية بهدف تسليم المشعل لجيل الاستقلال تعدّ أهم ورقة في برنامج المرشح بوتفليقة، خاصة وأنه رسم معالمها منذ أفريل في سنة 2011 حين كلف رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح حين ذاك بإجراء مشاورات مع الطبقة السياسية والشخصيات الوطنية لإجراء إصلاحات سياسية شاملة قصد تعميق الممارسة الديمقراطية بالجزائر. ولعلّ ما ورد في خطابات ممثلي بوتفليقة في الحملة الانتخابية مؤخرا بشأن تصوره للحياة السياسية يؤكد أنه يسعى لتجسيد »مشروع التجديد السياسي« الذي وعد به في حال إعادة انتخابه مجددا رئيسا للجمهورية، حيث يقوم هذا المشروع حسب ما تعهد به بوتفليقة على أساس »جمهورية ثانية« يكون فيها التوازن بين السلطات كما يهدف إلى بناء دولة القانون على أساس احترام حقوق الإنسان وتقوية مؤسسات الدولة بهدف تعميق الممارسة الديمقراطية وبناء دولة قوية وعصرية، حيث كان مشروع »التجديد الوطني« من أولى النقاط التي تناولها سلال في خطاباته. ساعات قليلة تفصل الرئيس المقبل عن مصيره، وبالرغم من أن المرشحين خاضوا منافسة قوية طيلة أيام الحملة الانتخابية، وسط دعاة الفتنة والمقاطعة، إلا أن الكلمة الفصل ستعود للشعب الجزائري الذي سيختار يوم 17 أفريل رئيسه، هذا الرجل الذي سيحكم الجزائر لمدة 5 سنوات أخرى والذي سيواجه عديد الرهانات الداخلية والخارجية للنهوض بالجزائر ووضعها في مصاف الدول الكبرى، المهمة لن تكون سهلة للرئيس المقبل مهما كان، ويبقى أن الجزائر بحاجة إلى كل أبنائها وإلى رجل حكيم يحكمها.