أكد كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس ينوي أن يطلب من مجلس الأمن الدولي والأممالمتحدة مناقشة تقرير القاضي ريتشارد غولدستون الذي يتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في حربها العام الماضي على قطاع غزة، بعد الضجة التي أثارها قرار تأجيل هذا التقرير في الأوساط الفلسطينية والعربية. وقال عريقات إن محمود عباس ينوي بجدية رفع تقرير غولدستون إلى المحافل الدولية بما فيها مجلس الأمن. ويأتي هذا القرار بعد الاستنكار ورد الفعل الذي تسبب به قرار إرجاء التصويت على التقرير في جنيف قبل أيام. وقالت مصادر في رام الله إن عريقات قال في تصريحاته التي أدلى بها لإذاعة صوت فلسطين إن السلطة الفلسطينية تعتزم خلال الساعات أو الأيام القادمة اتخاذ خطوات لعرض التقرير على مؤسسات الأممالمتحدة. وأوضحت أنه ليست هناك أية تفاصيل عن الكيفية التي ستتوجه بها السلطة الفلسطينية إلى تلك المؤسسات أو الخطوة التي ستقوم بها السلطة. واعتبرت ذات المصادر، تصريحات عريقات في هذا الصدد محاولة لامتصاص الغضب الشعبي تجاه السلطة الفلسطينية بسبب مسؤوليتها المباشرة عن تأجيل التصويت على تقرير القاضي ريتشارد غولدستون الذي يتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في حربها العام الماضي على قطاع غزة. وأشارت إلى أن السلطة شعرت بكم هائل من الضغط والانتقادات العنيفة لموقفها بتأجيل التقرير. وكان رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية قد اتهم محمود عباس بالمسؤولية المباشرة عن تأجيل التصويت على تقرير غولدستون. وقال هنية أمام الدورة غير العادية للمجلس التشريعي الفلسطيني إن محمود عباس هو الذي أعطى الأوامر لمندوبه في جنيف بغية سحب التصويت على التقرير لدى مناقشة القضية في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. ووصف رئيس الحكومة المقالة موقف حكومة عباس من تأجيل التصويت بأنه »عبثي وإجرامي وتفريط غير مسبوق في دماء الشهداء« وفي حقوق الشعب الفلسطيني، وهو ما يشجع إسرائيل على اجترائها على محاولة اقتحام المسجد الأقصى. وعلى صعيد ردود الفعل الفلسطينية،تعهد قيادي بارز في الذراع العسكري لحركة التحرير الفلسطينية (فتح) بمحاسبة أي شخص يثبت تورطه أو مساعدته في سحب تقرير غولدستون الذي يدين إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة مهما كانت هويته أو كان مركزه. وقال علاء طافش الأمين العام لمجموعات الشهيد أيمن جودة في كتائب شهداء الأقصى إنهم كمقاومة داخل حركة فتح قرروا أن يشكلوا محكمة ثورية لكل من تثبت إدانته وتورطه في سحب التقرير الذي كان من المقرر أن يقلب الطاولة الدولية على إسرائيل. وأوضح طافش أن العقوبة الوحيدة التي سترضى بها كتائب شهداء الأقصى للمسؤولين عما وصفه بالجريمة السياسية هي الإعدام، وأمام الجميع ليكون عبرة لمن تسول له نفسه خيانة القضية الفلسطينية والشهداء. وأكد طافش في حديث صحفي بأن حركته شكلت -بقرار داخلي- لجنة تحقيق للتحقق من دوافع ومسببي سحب التقرير. وقال إن المقاومة في فتح -إذا لم تحاسب الحركة المتورطين- ستأخذ دورها وتحاسب كل من سولت له نفسه خيانة وطنه ودماء الشهداء. وطالب طافش بفضح كل المشاركين في سحب التقرير، وعرضهم على محاكم ثورية لينالوا عقابهم وجزاءهم وتعريتهم أمام الجميع. وشدد القيادي البارز في كتائب شهداء الأقصى على أن من يثبت تورطه مهما كانت صفته أو شخصيته، تجب تنحيته عن منصبه وإخضاعه لمحاكمة بتهمة الخيانة العظمي، مؤكدا أن المقاومة التي ضحت بدماء أبنائها لن تسمح لأحد ببيع هذه الدماء أو المتاجرة بها. ورفض طافش المبررات التي ساقتها السلطة الوطنية الفلسطينية لتبرير قرارها بسحب تقرير غولدستون، وقال »نحن كمقاومة لن ننتظر إجماعا عربيا أو دوليا لإنصاف الشعب الفلسطيني، وكل المبررات التي قالوا عنها لسحبهم التقرير غير مقنعة وغير عقلانية«. وذكر طافش أنه يتم الحديث في الكواليس والخفاء عن ثمن سياسي يعطى للسلطة مقابل سحب التقرير، مشككا في أن تعطي إسرائيل والإدارة الأمريكية هذا الثمن للسلطة الفلسطينية أو لغيرها. ووصف طافش الموقف الفلسطيني بأنه صعب للغاية مع استمرار الانقسام الداخلي، متمنيا أن ينتهي هذا الانقسام وأن يحاسب كل من تورط في سحب تقرير غولدستون بالتوافق الوطني.