أفاد تقرير المرصد المتوسطي للاستثمار، أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة قد تراجعت إلى النصف بكافة دول جنوب البحر الأبيض المتوسط منذ بداية السنة الجارية 2009، إذ لم تستقطب هذه الدول مجتمعة سوى 19 مليار دولار خلافا لسنة 2008، التي حققت فيها هذه الدول استثمارا أجنبيا بلغ 41 مليار دولار. التقرير أوضح بن كافة الدول الجنوبية من البحر سجلت تراجعا كبيرا بما في ذلك الدول التي كانت تحتل المراتب الأولى مثل تركيا ومصر، حيث لم يتم تسجيل سوى 226 مشروع من هذا الصنف من الاستثمارات إلى غاية شهر أكتوبر الجاري، وهذا مقابل 456 مشروع خلال سنة 2008. أما من حيث التدفقات المالية فقد كان التراجع مهما هو الآخر، حيث انخفضت الرساميل إلى 19 مليار دولار فقط بعدما تجاوزت هذه الاستثمارات 41 مليار دولار خلال سنة 2008. هذا التراجع مس كافة الدول المتوسطية (الجزائر، السلطة الفلسطينية، قبرص، مصر، الأردن، لبنان، مالطا، المغرب، تونس وتركيا) وهذا بسبب الأزمة المالية والاقتصادية التي طالت معظم دول العالم ، خاصة البلدان الصناعية، التي دفعت بمؤسسات هذه الدول إلى مراجعة تقديراتها واستثماراتها نحو الخارج، رغم أن هذه الأزمة لم تمس ما يسمى بالدول النامية إلا بشكل غير مباشر، مثل تراجع سعر برميل النفط أو تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وبالقابل يرى محررو هذا التقرير، أن الدول الجنوبية المتوسطية ستكون خلال سنة 2010 من أكبر المستفيدين من استئناف النمو الاقتصادي العالمي المنتظر، حيث ستحقق الكثير من هذه الدول نموا اقتصاديا يفوق 4 %. ونذكر في هذا الإطار، أن الشركات الأوربية تراهن كثيرا عل الدول الجنوبية المتوسطية لتطوير مشاريعها، حتى تتمكن من العودة إلى مستوى ما قبل الأزمة، كون هذه المنطقة لم تمسها الأزمة بطريقة مباشرة كما أسلفنا الذكر، حيث حافظت في حدود ما على حجم مشاريعها وبرامجها التنموية في مختلف المجالات، خلافا للمؤسسات الأوربية التي اضطرت في كثير من الحالات إلى تسريح العمال وتقليص مشاريعها وإشهار الإفلاس في بعض الحالات الأخرى. وكانت الاستثمارات الأجنبية المباشرة ببلادنا قد عرفت خلال سنة2008 نموا كبيرا بلغ 525 مليار دينار (5 مليار أورو) حسب إحصائيات الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار المكلفة بإحصاء المشاريع الاستثمارية ببلادنا، في حين بلغت الاستثمارات المشتركة (في إطار شراكة بين المؤسسات الوطنية والأجنبية) حوالي 4 مليار أورو خلال سنة 2008 مقابل حوالي مليار أورو فقط خلال السنة التي سبقتها. إجمالا، فإن مجموع الاستثمارات في بلادنا (الاستثمار الأجنبي المباشر وفي إطار شراكة) بلغت خلال سنة 2008 قرابة 9 مليار أورو.