أن ترتفع الأصوات ويصل الإحتكاك بين المناضلين حد الأخذ بخناقات بعضهم البعض، فذلك أمر مؤسف ومدان، ولكنه يحدث في أحزاب الشرق والغرب، وهو بالنهاية جزء من العملية النضالية ومن التدافع الذي هو سنّة الحياة? أما أن يستمر الإحتقان وتتواصل عملية التجاذب، كما هو حال بعض محافظات الحزب المسيلة بالأمس- دون أن تلوح في الأفق بوادر حلحلة للوضع المتأزم القائم، فإن ذلك يعني فيما يعني أن الأطراف قد تجاوزت مرحلة الخلاف ووصلت إلى مرحلة "التاغنانت" التي ليس لها مكان في النضال وفي حزب جبهة التحرير الوطني تحديدا? نفهم جيدا أن يتشبث المناضلون بموقعهم النضالي في الحزب، وأن يشعروا بغبن ربما تعرضوا له في مرحلة من المراحل، لكن أن يتحول هذا الشعور إلى "عائق" بسيكولوجي دائم في وجه أي زحزحة للخلاف، فذلك هو العقم بعينه، وهو ضرب من ضروب العدمية النضالية التي تضر بالمناضل وبالحزب ذاته، فهل يتعمد المتنابزون الإضرار بالحزب ! نعي جيدا، أن يتخوف طرف من الأطراف المتنابزة من الإقتراحات المقدمة ومن النتائج التي قد تسفر عنها، ولكن متى كان الخوف من الاحتكام إلى المناضلين محبذا أو صفة نضالية إيجابية حتى يتذرع به خصوم فك خيوط الإشكاليات القائمة! يعلم الجميع والمناضلون قبل غيرهم أن حزبهم تعرض لهزات وهزات خلال العقود الأخيرة ومن الطبيعي أن تؤثر سلبا على توازنات وتوافقات ثابثة، والأمر اليوم يتعلق أساسا باستعادة توازن وإعادة بناء لن تكون بالضرورة بالمقاسات السابقة وبالمعايير ذاتها??? والمناضل الحق هو الذي يفرز ويميز ويوازن بين الطموح الذاتي، الذي هو حق ومشروع وبين المصلحة العليا للحزب التي تقتضي من كل واحد الإنزياح ولا نقول الإنحناء أمامها. إن عظيم حق الغاضبين لا يذهب أبدا بصغير حق المتمسكين بموقفهم ولا سبيل إلى فض "الإشتباك" بين الإثنين إلا إذا تقدم كل طرف خطوة نحو الآخر لأن الحل بالنهاية، ومهما يكن عليه موقف كل طرف هو في نقطة ما على منتصف الطريق? لكل مشكلة حل مهما بدت صعبة وعويصة، إلا المشكلات الزائفة المفتعلة، ونخشى أن تكون كل أو أغلب المشكلات التي تتخبط فيها بعض المحافظات مجرد مشكلات ذاتية مفتعلة، وبالتالي لا حل موضوعي لها ، لأنها غير موضوعية، ومن ثمة فإن على كل مناضل في القاعدة وفي القمة أن يتحمل مسؤولياته كاملة، وقد حانت ساعة المساءلة والحساب، لأن مصلحة الحزب يجب أن تكون فوق المصالح الظرفية والضيقة. التحرير