استلمت »صوت الأحرار« مشروع اللائحة الجامعية، التي يعكف الاتحاد العام الطلابي الحر على تقديمها للإثراء والنقاش في المؤتمر التاسع، المنتظر عقده قبل انتهاء السنة الجارية، وهذه اللائحة هي أهم وثيقة ستعرض على هذا الأخير للمصادقة عليها، قبل إحالتها فيما بعد على وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. اللائحة نصُصت على جملة من المباديء الأساسية التي يجب أن يرتكز عليها أو يستدركها أي تصحيح جامعي، وحددتها في الآتي: الحفاظ على مجانية التعليم وديمقراطيته مع الحفاظ على الطابع العمومي للجامعة، وأن يكون الانفتاح على الشريك الخاص دعما إضافيا لمنظومة التعليم العالي ببلادنا، وليس على حساب تكفل الدولة بهذا القطاع أو طريقا إلى خوصصته بالتقسيط، دعم الدولة المطلق للقطاع، إشراك جميع مكونات الأسرة الجامعية في أي إصلاح وتوسيع النقاش بشأنه إلى فواعل المجتمع باعتبار الجامعة أولوية ذات شأن عام، تأهيل المؤسسات الجامعية قبل الشروع في أي إصلاح، مما يقتضي التدرج المرحلي في تعميم الإصلاحات بما يوفر أسباب النجاح، تكامل وتوافق الإصلاح البيداغوجي والاجتماعي، تعميم استعمال اللغة العربية وفق مناهج علمية مدروسة والتفتح على اللغات الأجنبية، ثم تكييف الإصلاح وفق الخصوصية الوطنية بما يتماشى والمنظومة الثقافية، الاجتماعية، السياسية والاقتصادية لمجتمعنا الجزائري، ويحفظ مكتسبات الجامعة الجزائرية. وطرحت اللائحة سؤالا كبيرا ، تساءلت فيه عن أية جامعة نريد، وإجابة عن نفسها قالت: قبل الشروع في أي إصلاح بيداغوجي أو اجتماعي لواقع التعليم العالي من المهم فلسفيا ومنهجيا تقديم رؤية متكاملة ومتساوية بشأن التصور العام لتعريف الجامعة الجزائرية من حيث الماهية، الوظيفة، الرسالة والأدوار المتعددة التي وجب أن تطلع عليها في المجتمع، واشترطت اللائحة لنجاح أي إصلاح عدم الارتكاز على الأبعاد التقنية والمادية لوحدها، دون تحديد للمفاهيم الأساسية، التي تجيب من خلالها على التساؤلات والرسالات السالفة الذكر، ذلك مثلما أضافت أن الجامعة في تطورها التاريخي ونمطها المعاصر على السواء كانت دائما المؤشر الأول على حالة المجتمع من حيث التقدم والتخلف ، الإنتاج والاستهلاك، الاستقلالية والتبعية، الإبداع والركود الحرية والاستبداد. والجامعة مثلما أضافت اللائحة هي المحتضن الطبيعي والمناخ الخصب لصناعة النخب المؤهلة في مختلف مناحي الحياة المجتمعية، وإنتاج المعرفة، وترشيد السياسات العامة، وتكوين ثقافة المجتمع، عبر بناء المواطن الصالح بالمفهوم الاجتماعي. ووفق هذه المحددات قالت اللائحة أنه رغم كل ما وفرته الدولة من تطور هائل على مستوى الامكانيات المادية، فإن الباحثين في علم الاجتماع والشأن الجامعي، وحتى عامة المواطنين يجمعون على عل أن الجامعة الجزائرية تشهد تراجعا رهيبا على الصعيد الوظيفي الرسالي، حيث قالت أنها فقدت رمزيتها المعنوية والأدبية، مقتصرة في أغلب الأحيان على منح شهادة التخرج للطلبة في نهاية كل موسم جامعي. وتساءلت اللائحة عما إذا كانت الدولة الجزائرية عبر مؤسساتها الحكومية وأطرها المجتمعية قد ضبطت أمور الجامعة وفق الرؤية الفلسفية، التي نريدها خاصة في ظل التحولات الكونية التي تجري من حولنا، في شكل يومي. وخلصت اللائحة إلى أن واقع اليوم ومخرجات الجامعة تبين عدم فعالية هذه الرؤية وقصورها على مواكبة حاجيات المجتمع، والإجابة على انشغالاته، باعتبار أن الجامعة هي مؤسسة وطنية وظيفتها الرئيسية تكوين المجتمع العصري القوي، عبر المشاركة الفعالة في مشروع التنمية الوطنية ، وبناء المواطن الصالح بالعلم، الثقافة، التربية الحضارية وإشاعة قيم الحرية والديمقراطية ومثل التسامح والتعايش، وتقبل الرأي الآخر. ونبهت اللائحة أن الكم وحده لا يكفي، بل يجب أن يكون مقرونا بنوعية التعليم الجامعي ، المبني على المردود والإنتاج المعرفي، الذي يقدم حلولا لكافة إشكالات التنمية في مختلف المناحي، لا الذي يتوقف عند تزيين الرفوف بالمؤلفات التي لا طائل من ورائها، وخلق باحث يظل يعاني من شغف العيش، وفي اصطدام دائم بسلطة سياسية، لا تؤمن بدوره، وليس في أولوياتها عقلنة السياسات، وتسيير الشأن العام. في هذا السياق نصصت اللائحة على إعادة صياغة الإصلاح الجامعي بشكل شمولي، يعيد مثلما قالت للجامعة ماهيتها الحقيقة دون تشويه، ووظيفتها الرسالية دون تقصير، وأدوارها المنشودة دون تفريط، بما يؤهلها للعب دورها المتقدم في النهضة الحضارية للمجتمع. ونشير إلى أن اللائحة تضمنت محاور هامة مفصلة للإصلاح الجامعي الذي تراه مناسبا للنهوض بالجامعة الجزائرية.