أجمع المشاركون في الملتقى العلمي الذي يرافق برنامج المهرجان الوطني للمسرح المحترف في دورته التاسعة إلى ضرورة وضع إستراتيجية خاصة بالمصطلح النقدي والخطاب المسرحي، وتم حور النقاش حول كيفية بناء هوية للمسرح العربي وغيرهما من النقاط التي وقف عندها المشاركون. ودعا حميد علاوي، رئيس الملتقى العلمي حول المصطلح النقدي والخطاب النقدي، إلى ضرورة ابتعاد النقد المسرحي عن السقوط في الانطباعية المباشرة، منبها إلى أن هذا المجال يجب أن يظل متوازنا بين طرفي الفن والعلم، مع الحفاظ على الذوق الأصيل والحس الجمالي، في لغة متخصصة وخطاب منسجم وبنية متماسكة. وفي كلمته الافتتاحية، قال علاوي: »إنّ الترجمة رافد لإثراء منظومة المفاهيم والمصطلحات النقدية، مما يتيح التفتح الواعي على النقد والفكر العالمي لكن دون استلاب نقدي، بات خطره واضحا على توظيف لغتنا النقدية في تناول الأعمال المسرحية، نتيجة عدم إنتاجنا للمعرفة النقدية اليوم بشكل مؤثر فعال«، مشيرا إلى ضرورة »التواصل الحضاري والفكري بالأدوات المطلوبة ويسخّر للهدف المنشود«. وتساءل علاوي عن جدوى النقد الذي لا يغير في واقع المسرح شيئا، معتبرا أنّ »المشهد النقدي عندنا يوزع الأدوار بالصدفة والمحاباة والخطأ«، ليناشد النقاد المسرحيين بإعادة النقد إلى دوره الريادي بالكتابة الموضوعية والتوجيه الواعي، مما يحول دون دخول »الأدعياء والمنتسبين بالتواطؤ العفوي وغير العفوي إلى مملكة الفن«. وتناول الملتقى عددا من المحاور تكتسي أهمية بالغة في سياق التطوير والرقي بالأعمال المسرحية، وشمل أول هذه المحاور نشأة وتطور المصطلح في النقد المسرحي العربي، حيث انطلق الأستاذ الشريف لدرع من تقديم مسار التجربة المسرحية في الجزائر، بداية من نشأتها إلى التحولات التي عرفتها إبان الفترة الاستعمارية، والتي جعلتها تتحول إلى أسلوب للمقاومة الثقافية والفكرية، كما عرج على مساهمة الممارسين في إنتاج المصطلح النقدي المعاصر بين الحضور والغياب. من جانبه، استعرض عبيدو باشا من لبنان، حالة النقد بشكل عام فشبّهه ب»الحلم الجائع« وذهب أبعد من ذلك في نظرة تشاؤمية، إلى حد وصف النقاد والمسرحيين ب»المعزولين في جزيرة مهجورة«، كما أكد أن النقد يجب أن يتجاوز الثابت بالنصوص التي سماها الكبرى، وختم باشا مداخلته، بمطالبة النقاد بالتواضع وتنبيه المسرحيين إلى ضرورة الحذر من التحول إلى ضحايا.