لا تزال المعارضة في الجزائر تبحث عن مظلة جامعة لتوحيد مواقفها، خاصة في ظل تعدد الاقطاب، فهناك تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي، وقطب قوى التغيير، بالإضافة إلى مشروع حزب جبهة القوى الاشتراكية ، إلا أن البدائل السياسية غائبة، لا سيما وأن إشكالية الزعامة داخل هذه الأقطاب مطروحة بقوة، وهذا ما يجعل المعارضة في مأزق. أشهرت المعارضة سلاحها بصفة صريحة مع إعلان رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة نيته في الترشح لرئاسيات ,2014 وبالرغم من نجاح بوتفليقة وفوزه بأغلبية ساحقة في الاستحقاق الوطني بما يؤهله لتسيير الجزائر لخمس سنوات أخرى، إلا أن المعارضة الممثلة في بعض الأحزاب الإسلامية، بعض التشكيلات والشخصيات الوطنية بمختلف توجهاتها، واصلت معارضتها، تحت مسمى تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطيس. السلطة لم تعارض ميلاد هذه التنسيقية ولا قطب التغيير الذي يترأسه علي بن فليس المرشح السابق لرئاسيات 2014 أو غيرها من المبادرات، بل وفسحت لهؤلاء الناشطين فضاء للتعبير بكل ديمقراطية عن توجهاتهم ومواقفهم وتنظيم لقاءات وعقد مشاورات وغيرها من التحركات، في الوقت الذي سعت فيه إلى مراسلة كل الأحزاب السياسية والفاعلين السياسيين من أجل تعديل دستوري شامل وعميق، بهدف التأسيس لجمهورية ثانية كما راهن على ذلك الرئيس بوتفليقة في حملته الانتخابية. مسار غير واضح المعالم للمعارضة، قليل من السكون خلال فترة الصيف والعطل، لتعود إلى الواجهة مع الدخول الاجتماعي، لكن الإشكال المطروح في الوقت الراهن هو أن هذه المعارضة لم توحد بعد كلمتها حول مطلب معين، باستثناء دعوتها إلى مرحلة انتقالية لم تحدد آلياتها ولا كيف ستكون، واكتفت بالحديث عن أمور نظرية، ويضاف إلى ذلك مشكل الزعامة واختلاف المشارب السياسية والفكرية. تساؤلات كثيرة عن مستقبل هذه المعارضة، موازاة مع مشروع تعديل الدستور، من منطلق أن الرئيس أراده دستورا توافقيا يجمع كل الأطياف السياسية بما فيها الأقطاب المتعددة التي تدعو إلى مرحلة جديدة بعيدا عن الحوار مع السلطة، كل ذلك يجعل المعارضة في مأزق قد لا تجد له مخرجا، حيث أنها لم تتمكن من توحيد كلمتها، وهذا ما يعكس حسب عديد المحللين هشاشتها وضعفها على تقديم بدائل سياسية حقيقية، وكذا رفضها لكل ما يصدر عن السلطة جملة وتفصيلا. وبالنظر إلى هذه المعطيات، فإن الطريق لا يزال طويلا من أجل الوصول إلى التوافق الذي أرادته السلطة القائمة، لا سيما في ظل غياب فاعلين سياسيين لهم تأثير على الساحة السياسية، من أجل ترقية نظام ديمقراطي يشتغل بمجذفين، أحدهما يقود والثاني يعارض ليس من أجل المعارضة، بل يكون بمثابة المقوم لسياسات السلطة على غرار ما هو موجود في الديمقراطيات الكبرى عبر العالم التي تمكنت من إحلال ذلك التوازن بين سلطة قوية ومعارضة لا تقل عنها قوة.