في ظل التخوفات والإشاعات التي بدأت تتسرب إلى الطبقة الشغيلة حول إمكانية تراجع الحكومة عن تجسيد قرار إلغاء المادة 87 مكرر وحرمان ما يُعادل 4 ملايين عامل من زيادات في الأجور، لجأت أطراف الثلاثية إلى تطمين العمال وتأكيدها التزام الجهاز التنفيذي بتطبيق القرار في موعده بالرغم من تهاوي أسعار البترول إلى مستوى لم يكن في الحسبان. شهدت الأسابيع الأخيرة تسارعا ملحوظا في تطورات السوق النفطية ما أنتج تغيرا في سياسات واستراتيجيات بعض الدول التي تعتمد على البترول في مداخيلها وهو الشأن بالنسبة للجزائر، التي هونت في بداية الأمر من ذلك معتمدة على ما يتوفر عليه صندوق الإيرادات لكنها سرعان ما اعترفت بخطر هذا الانهيار في الأسعار على استراتيجيتها الاقتصادية، وهو ما جعلها تُقرر التوجه نحو الإسراع في الإصلاحات الاقتصادية عبر دعوة الأطراف الاجتماعية والاقتصادية إلى عقد لقاء عاجل لدراسة الملف. لكن رغم هذه التطورات تبقى الحكومة متمسكة بالقرارات التي اتخذتها من قبل، سواء تعلق الأمر بالمشاريع الكبرى قيد الانجاز أو بالقرارات الأخرى كإلغاء المادة 87 مكرر المتعلقة بكيفيات حساب الحد الأدنى للأجور وهو ما تجلى من خلال التصريحات الرسمية وتُرجم من قبل الخُبراء والمُلاحظين على أن الحكومة برئاسة الوزير الأول تعتمد في ذلك على ما يتوفر عليه الصندوق الوطني لضبط الإيرادات الذي بدأ يتراجع بدوره منذ السنة الماضية جراء العجز الذي تكبدته الميزانية. فبخصوص إلغاء المادة 87 مكرر، شدد مؤخرا وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، محمد الغازي، على أن »الدولة لن تتراجع عن تعهداتها وأن الاستفادة من إلغاء المادة 87 مكرر ستكون مع حلول سنة 2015»، أي مثلما تم الاتفاق عليه في لقاء الثلاثية الأخير، نفس الشيء لجأ إليه وزير العلاقات مع البرلمان، خليل ماحي، الذي أكد بدوره أن »حذف المادة 87 مكرر وما ينتج عنها سيكون حيز التنفيذ انطلاقا من الفاتح جانفي المقبل ومنه الرفع في الأجور المتدنية كما سيكون لحذف هذه المادة نصوصا تنظيمية لتطبيقها ميدانيا«. في السياق ذاته، وخلال لقائه بإطارات ونقابيي ولايات الجنوب الجزائري، أكد الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، عبد المجيد سيدي السعيد، أن »بعض الشائعات تتحدث هذه الأيام عن تناسي قرار إلغاء 87 مكرر من قانون العمل وأُؤكد من هنا أنه لن يكون أي تراجع عن إلغاء هذه المادة من قانون العمل«. وسيُؤدي إلغاء هذه المادة إلى استفادة ما يُعادل 4 ملايين عامل في القطاعين العمومي والخاص بزيادات متفاوتة في الأجور مثلما كان أكده الأمين العام للمركزية النقابية، عبد المجيد سيدي السعيد، على أن يكون أكبر المُستفيدين الطبقة الشغيلة التي لا يتجاوز أجرها ال18 ألف دج، بحيث تتراوح الزيادات في عمومها بين 3 آلاف و11 ألف دج. ولغاية الآن وقبل 14 يوما عن دخول قرار الإلغاء حيز التنفيذ، لم يتم الإعلان عن آليات تطبيق ولا عن المنح والعلاوات التي ستخرج نهائيا من الأجر الأدنى المضمون وتلك التي سيتم الحفاظ عليها، ولا عن التعريف الجديد للأجر الأدنى، علما أن المادة 87 مكرر تنص على أن »الأجر الوطني الأدنى المضمون يتضمن الأجر القاعدي والعلاوات والتعويضات مهما كانت طبيعتها باستثناء التعويضات المدفوعة لتسديد المصاريف التي دفعها العامل«. وعشية تجسيد هذا القرار، تشهد أسعار عديد المواد الغذائية ارتفاعا محسوسا وهي ظاهرة أصبحت تتكرر عشية كل زيادات مرتقبة في أجور العمال، ويتعلق الأمر أساسا بالحبوب الاستهلاكية وبعض المواد الغذائية الأخرى ناهيك عن الخُضر والفواكه.