قال الأمين العام للمنظمة الوطنية لأبناء الشهداء، الطيب هواري، إن »فرنسا توظف أقلاما مأجورة للمساس برموز الثورة والتشكيك في الذاكرة الوطنية«، وأفاد هواري إن الكتاب الذين يذهبون إلى تخوين بعض الزعماء التاريخين يستندون إلى وثائق مصدرها فرنسا. وفيما يتعلق بجهود المنظمة للوقوف أمام هذه الأقلام كشف الطيب هواري في حوار مع »صوت الأحرار« وجود مطالب بتأسيس المجلس الأعلى لحماية الذاكرة والثورة التحريرية، حيث يصبح هذا المجلس هو الأداء القانونية التي تقف أمام كل التجاوزات على حد تعبيره. واستغرب التشكيك حتى في عدد الشهداء، حيث قال إن كل القرائن تثبت أن فرنسا قتلت ملايين الجزائريين وليس مليون ونصف مليون شهيد فقط في الآونة الأخيرة طفا إلى السطح نقاش تاريخي- سياسي استهدف بعض الرموز التاريخية للثورة، من طرف الرئيس الأسبق لحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية سعيد سعدي، ما موقف منظمة أبناء الشهداء من هذه الخرجات الإعلامية المتتالية ؟ المنظمة الوطنية لأبناء الشهداء أصدرت بيانا حول ما تقوم به بعض الأقلام التي تستهدف رموز الذاكرة الوطنية، فالحديث أو الكتابة في التاريخ يوجب على الذي يخوض فيه أن يبحث ويفكر ويأتي بالمعلومات الصحيحة من مصادرها الحقيقية، وهذه الكتابات تأتينا اليوم من أشخاص غير مؤهلين للخوض في مثل هذه المواضيع لا قانونيا ولا أكاديميا، فهذا الشخص ليس مؤهلا للكتابة والبحث واستخراج المادة التاريخية وتحويلها إلى مواضيع توجه للقراءة. وعلى هذا الأساس فالمنظمة الوطنية لأبناء الشهداء تندد بهذه التصرفات التي تخلو من أي موضوعية ومرجعية وتوثيق تاريخي، فالمؤسسات الرسمية ممثلة في المركز الوطني للبحث في تاريخ الثورة ووزارة المجاهدين ومنظمة المجاهدين، تعتبر الركائز الأساسية للوثيقة التاريخية، فكيف يتجرأ هذا الشخص على رموز الثورة التحريرية. وإذا كانت فرنسا الاستعمارية لها وجهان، الأول هو الوجه الاستدماري السابق، والوجه الثاني هو الاستعمار الجديد، الذي يتجلى في تقديم وثائق لهؤلاء السياسيين بمقابل الحديث عن رموز الثورة بصفات غير مقبولة، ومن جهة أخرى نحن في صراع من يثبت جدارته على أن يقيم شيئا صحيحا ذا قيمة علمية وتاريخية، وهنا تقع المسؤولية على المجاهدين والمؤسسات الموجودة لهذا الغرض وعلى الباحثين والمؤرخين أن يضعوا حدا لهذه التصرفات اللاأخلاقية التي تشوه صورة الكفاح والمجاهدين. فاليوم الجزائر تملك رصيدا يتكون من 10 ملايين تلميذ وطالب يتعلمون ويفكرون ويقرؤون ويستقطبون هذا الأفكار التي ترسخ في ذاكرتهم أن هؤلاء كلهم خونة للثورة التحريرية، وهنا نصل إلى السياسية التي رسمتها السياسية الاستعمارية بأقلامها المأجورة عندنا لتوظف هذه المفاهيم والمعطيات. الحديث حول التاريخ لم يتوقف عند تخوين بعض الرموز الوطنية بل تعداه حتى التشكيك في عدد الشهداء، حيث ذهب بعضهم إلى القول بان عدد الشهداء لم يصل مليون ونصف مليون شهيد، بصفتكم المعني رقم واحد بهذا الكلام بماذا تفسرون هذا الكلام الذي تجاوز الخطوط الحمراء ؟ أنا بدوري أشكك في رقم مليون ونصف مليون شهيد لأنه بالنسبة إلي أكثر من هذا الرقم بل يتجاوزه أضعاف المرات، وسأعطيك التفسير العلمي لكلامي هذا، لنعد إلى سنة 1830 تاريخ استعمار فرنسا للجزائر، آن ذلك جاءت فرنسا ب 100 ألف عسكري دخلت بهم من أجل استعمار الجزائر، وعندا احتفالها بمرور 100 سنة من الاحتلال سنة 1930 أصبح تعداد التواجد الفرنسي بالجزائر أكثر من مليونين نسمة، وبمقابل ذلك كان تعداد الجزائريين سنة 1830 ما يقارب 5 ملايين ونصف ليصبح بعد 100 سنة من الاحتلال 7 ملايين نسمة. وبالعودة إلى معدلات النمو العالمية في تلك الفترة كانت تتراوح بين 3 و 4 بالمائة، وعندما نأتي إلى إسقاط هذه المعدلات على تطور أرقام السكان الجزائريين نجد أن معدل النمو خلال 100 سنة كانت أقل من الصفر بالمائة، وهذا يدل على أن فرنسا الاستعمارية قتلت أكثر من 2 مليون نصف مليون جزائري بين سنة 1830-1930 . وإذا أتينا من سنة 1930 إلى سنة 1954 تاريخ اندلاع الثورة نقف على عدة مجازر ارتكبت في حق الجزائريين راح ضحيتها مئات الآلاف من الجزائريين، وأفضل مثال على ذلك مجازر 8 ماي 1945 التي تفيد كل الإحصائيات الدراسات المقدمة من طرف الاختصاصيين حوالي 500 ألف شهيد ، لنصل بعد ذلك إلى سنوات الثورة التحريرية بين 1954 إلى سنة 1962 نجد وقوع أكثر من مليون ونصف مليون شهيد . يتزامن هذا النقاش مع استعداد الجزائر لتعديل الدستور، هذا الأخير من المفترض أن يتضمن فصلا يتعلق بالثورة ورموزها، ماذا تقترحون كمواد قانونية تكون بمثابة إطار ينظم النقاش السياسي والتاريخي إبان الثورة التحريرية ؟ المنظمة الوطنية لأبناء الشهداء لها شطران فيما يخص هذا الموضوع، أولا دعونا إلى حماية الثورة والذاكرة الوطنية وذلك يستلزم علينا تأسيس المجلس الأعلى لحماية الذاكرة والثورة التحريرية، حيث يصبح هذا المجلس هو الأداء القانونية التي تقف أمام كل التجاوزات، وستصبح المادة 64 من قانون المجاهد والشهيد التي تعتبر المرجعية للمادة 68 من الدستور. وفي الاقتراحات قدمناها في المشاورات السياسية المنعقدة حول تعديل الدستور سواء اللجنة التي اشرف عليها عبد القادر بن صالح سنة 2011 أو اللجنة التي أشرف عليها أحمد أويحي السنة الفارطة، واهم مطالبنا كانت مطلبنا تعزيز الوحدة الوطنية عن طريق حماية الموروث التاريخي وحماية الذاكرة الوطنية من التشويه ومن المساس برموز الثورة بتصرفات غير مشرفة وغير قانونية، ولا بد على سلطان القانون أن يأخذ مجراه ويعاقب كل من يتجرا على تدنيس الثورة. منذ مدة وأنتم تشتكون من وجود نقص وانسداد في تطبيق بعض مواد قانون المجاهد والشهيد، إلى أين وصل نضالكم في هذا الجانب ؟ تطبيق قانون المجاهد والشهيد غير سليم لأنه أصبح لا يتجاوب مع المرحلة التي تمت صياغته فيها ومتطلبات اليوم، وعليه يستلزم اللجوء إلى مرحلتين، الأولى يجب وضع قراءة قانونية جديدة لفحوى هذا القانون، وبعدها يتم وضع آليات جديدة تمكن أسرة الشهيد من الاستفادة من كل مواد هذا القانون ولا تقتصر الاستفادة على مادتين فقط، بل جب أن تتحول المنظومة الصحية والاجتماعية والرعاية إلى غير ذلك من الإجراءات. وفيما يخص بالمرحلة الأخرى من القانون دعونا إلى إعطاء المكانة الكبرى لحماية مآثر الثورة والمعالم الشاهدة على تضحيات وكفاح الشعب الجزائري، حيث تكون هذه المعالم مقصدا سياحيا، وتحول إلى مراكز تستقطب السواح سواء جزائريين كانوا أو أجانب، وتبقى شاهدة على عظمة الثورة الجزائرية . خلف فيلم »الوهراني« لإلياس سالم ضجة كبيرة بين مختلف الطبقات الثقافية والثورية في الجزائر بين مندد ببعض المشاهد التي حملها، وبعض آخر داعي إلى التفريق بين العمل الفني وصفة القدسية التي تحتلها الثورة الجزائرية ورموزها، هل المنظمة مع منع مثل هذه الأعمال ؟. الجزائر تعرف نقصا فيما يخص الإنتاج السينماتوغرافي الخاص بالثورة التحريرية ومختلف تضحيات الجزائريين منذ سنة 1830، في ضل غياب تدعيم هذا المنتوج والسماح له بأن يكون في متناول الجماهير بسبب الانترنت وما تتضمنه من مواقع لتواصل الاجتماعي التي تطور مفعولها مؤخرا. وبمقابل ذلك نجد أن بعض المنتوجات أصبحت تتجه نحو الإثارة في المواقع من اجل الرجوع إلى مرحلة الثمانينات من مناقشة، وعليه يجب أن يصبح المخرج والممثل أمام نخبة تستطيع أن تحصر الموضوع هل هو داخل أو خارج السياق التاريخي، ومن المؤكد أن أي سيناريو يكون خارج استشارة المؤسسات الرسمية سيكون محل شك ، واستغل المناسبة لأوجه نداء إلى مجاهدينا ومثقفينا أن ينيرونا بأفكارهم ودحض كل الادعاءات التي تسعى إلى تشويه الثورة . لم تعد مطالبكم بتجريم الاستعمار بتلك الحدة التي كانت عليها سنوات مضت، هل فقدتم الأمل في الوصول إلى هذا القانون أم هناك تحولا في مواقفكم تجاه هذا الملف ؟ قانون تجريم الاستعمار لا يعني منظمة أبناء الشهداء وحدها وإنما يعني الدولة الجزائرية ككل، وأعطي لك أمثلة في هذا الموضوع، ايطاليا لما أرادت الاعتراف بجرائمها فعلت وكذلك ألمانيا، وبالعودة إلى نضالات المنظمة في هذا الجانب فقد قمت المنظمة سنة 1990 من خلال عدد من نواب المجلس الشعبي الوطني وعددهم 16 نائبا، قدموا اقتراح قانون حول منع مجرمي الحرب أن ذلك من دخول الجزائر، وقال المجاهدون آن ذاك أوقفوا هذه المهازل وسنوا قانونا يحفظ لنا كرامتنا . تحتفل الجزائر يوم 24 فيفري بذكرى تأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين وتأميم المحروقات، لكن هذه المرة قررت تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي التي تضم أحزابا وشخصيات معارضة، الخروج إلى الشارع التظاهر تضمنا مع سكان الجنوب الرافضين للغاز الصخري، هل هذا يزعجكم ؟ تاريخ 24 فيفري هو يوم تأميم المحروقات وذكرى تأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين، وأشير هنا إلى تضحيات الشهيد العقيد لطفي والمجاهد خراج، اللذين جاءا رفقة عدد من قيادات الولاية الخامسة إلى الجنوب وقالوا بضرورة التضحية من اجل استرجاع هذا التراب. وعليه أقول في هذا المقام أن تاريخ 24 فيفري هو تاريخ احتفال باسترجاع الجزائر سيادتها على المحروقات، ونعتبره كذلك تاريخا يعني الكثير بالنسبة للجزائريين، وهو بمثابة الاحتفال بموقف الشرف لحماية كل ما هو يرمز لأرض الجزائر ورموز ثورتها المجيدة .