" شكرا لكم لإتاحتي هذه الفرصة، حقيقة لا يمكن أن أنسى عظمة هذا الشعب الذي قهر القوة الرابعة عالميا في تلك الفترة لقد دفعنا نحن شباب الأمس ضريبة غالية في الكفاح والنضال من أجل تحرير الجزائر واسترجاع السيادة الوطنية وضحى الشعب الجزائري بقوافل من الشهداء وأتمنى أن يكون خير خلف لخير سلف نحن اليوم نعيش في عالم الأقوياء بثقافتهم ووحدتهم ودفاعهم عن مصيرهم وحضارتهم علينا بالعلم لمواجهة كل هذه التحديات والحمد لله الآن كل الأبواب مفتوحة للعلم والتكوين وأحث الشباب على طلب العلم والعمل لبناء هذا الوطن للأسف نحن شباب الأمس لم تسنح لنا الفرصة لنكمل دراستنا لأننا التحقنا بإخواننا المجاهدين. **في البداية الرائد والأستاذ والمجاهد عمار ملاح نرحب بكم على صفحات جريدة »صوت الأحرار« ونريد منكم كمدخل لهذا الحوار توجيه كلمة بمناسبة الذكرى الغالية على الشعب الجزائري لهذا الجيل الجديد من أبناء الجزائر؟ شكرا لكم لإتاحتي هذه الفرصة، حقيقة لا يمكن أن أنسى عظمة هذا الشعب الذي قهر القوة الرابعة عالميا في تلك الفترة لقد دفعنا نحن شباب الأمس ضريبة غالية في الكفاح والنضال من أجل تحرير الجزائر واسترجاع السيادة الوطنية وضحى الشعب الجزائري بقوافل من الشهداء وأتمنى أن يكون خير خلف لخير سلف نحن اليوم نعيش في عالم الأقوياء بثقافتهم ووحدتهم ودفاعهم عن مصيرهم وحضارتهم علينا بالعلم لمواجهة كل هذه التحديات والحمد لله الآن كل الأبواب مفتوحة للعلم والتكوين وأحث الشباب على طلب العلم والعمل لبناء هذا الوطن للأسف نحن شباب الأمس لم تسنح لنا الفرصة لنكمل دراستنا لأننا التحقنا بإخواننا المجاهدين. **برأيكم المجاهد عمار ملاح في ظل تكالب أعداء الجزائر والأصوات النشاز لإعادة الاعتبار للحركى والتشكيك في التاريخ كيف نغرس القيم النوفمبرية في نفوس الشباب لحمايته من حملات التشكيك في ماضيهم وكيف نحميهم من هذه العواصف؟ صراحة أقول أن الدولة هي من همشت التاريخ في بداية الاستقلال ومارست سياسة النسيان فكيف لهذا الشباب أن يحترم بلده ورجالاته في الوقت الذي عملت فيه فرنسا بعد 1962 على غرس أعوانها في دواليب الإدارة الجزائرية لفرض سلطتها وثقافتها وردي على كل هذه الحملات المشبوهة والأصوات الناعقة أنهم يجهلون الماضي الأسود للحركى خلال الثورة الذين وصل عددهم إلى 200 ألف حركي قاموا بأبشع الجرائم من تقتيل وذبح وتعذيب وتنكيل لا يمكنني، أن أنسى ما فعلوه في الشعب الجزائري البطل لا أحد من أبناء هذا الشعب يقبل بإعادة الاعتبار لهؤلاء الحركى وسأبقى أناضل ضد هذه الفكرة إلى أن أموت وأصارحكم أن الحركى يعيشون بيننا اليوم في الجزائر ولا يمكنهم أن ينسوا أمهم فرنسا التي يتقاضون منها المكافئات المالية والمنح الشهرية. **بعد تضحيات كبيرة جدا دفع ثمنها الشعب الجزائري نالت البلاد استقلالها وعرفت فترات السبعينات والثمانينات صدى كبيرا للثورة في العالم أجمع والجزائر استثمرت هذا النجاح الباهر وأيدت الحركات التحررية في العالم، هل في اعتقادكم أن نتائج الثورة وصداها ما يزال مؤثرا اليوم في ظل التغيرات التي يعرفها العالم؟ أولا أقول أن الجزائر مرت بمراحل قاسية إبان الاحتلال قابلتها مرحلة تضامن ووحدة بين الشعب الجزائري كما مرت البلاد بعد الاستقلال بمشاكل وخلافات بين القادة لكن رغم ذلك نالت الثورة بعد الاستقلال شأنا كبيرا. أتذكر أننا سافرنا إلى مصر سنة 1963 في وفد ضم الرئيس بن بلة ونائبه بومدين و30 إطارا من عقداء الجيش حيث حظينا باستقبال لا ينسى وكانوا ينظرون إلينا وكأننا جئنا من فلك آخر ولسنا مجرد بشر لقد انبهروا كيف هزمنا إحدى أعتى القوات العسكرية في العالم في تلك الفترة، أعطيك هذا المثال لأبين قيمة ثورتنا في عيون الأمم الأخرى لقد كانت الثورة الجزائرية رمزا للشعوب المكافحة حينها ومثالا يحتذى به، كان صوت الجزائر مسموعا وسمعتها كانت في السماء لكنني حزين جدا عما لحق بنا في العشرية الأخيرة عندما أصبح العالم ينعتنا بالإرهابيين وتأثرت البلاد كثيرا وعانت طويلا من الذين تنكروا لها بين عشية وضحاها فيلزمنا الآن الكثير من العمل والإرادة والإخلاص لاسترجاع قيم نوفمبر وإعادة شخصية الدولة الجزائرية كما كانت في السابق. **شككت بعض الأصوات في عدد شهداء الثورة آخرهم نائب برلماني ما تعليقكم؟ هذا شكك في عدد الشهداء وآخرون قالوا التاريخ في المزبلة، هذه تصريحات غير مسؤولة وعمل يندى له الجبين أنا ليست لدي أحصائيات رسمية لكنني أرد على هؤلاء بأن يعطونا أرقامهم ومعارفهم وإحصائياتهم ويفيدوننا لكن أن يطلقوا هكذا تصريحات أسميها استفزازية، فهي مردودة عليهم ولن تمس من قيمة وعظمة هذه الثورة . **ألا يجرنا هذا الحديث إلى ضرورة كتابة تاريخ الثورة لقطع الطريق أمام المزايدين حول هذا الموضوع ؟ هي مسؤولية الدولة، التي لم تطلب منا كتابة التاريخ قادة ومجاهدين، نحن لسنا مؤرخين، أصارحكم أننا كنا ممنوعين من الخوض في هذا الموضوع بعد الاستقلال. أتذكر في سنة 1967 عقدنا اجتماعا في قيادة الأركان حضره كل قادة النواحي وترأسه الراحل هواري بومدين وطرحت خلال هذا الاجتماع فكرة كتابة أحداث الثورة والحركة الوطنية فكان رد بومدين بأن الوقت لم يحن بعد وطوي هذا الملف نهائيا إلى غاية مجيء الرئيس الشادلي إلى الحكم، حيث فتح المجال للخوض في هذا الموضوع وأنا مازلت أدعو إلى ضرورة التأريخ للأحداث حتى ولو كانت هناك أخطاء ونترك التقييم والحكم للمؤرخين. وأريد أن أضيف شيئا آخر أنني تفاجأن عند زيارتي لمدينة مانشيستر في إحدى المتاحف بوجود مآثر تخلد تاريخ كل الدول العربية والأوروبية إلا الجزائر إنني أتأسف صراحة لأننا أغفلنا هذا الملف الحساس وأصبحنا على هامش التاريخ العالمي رغم الضريبة التي دفعناها لنعيش أحرارا في وطننا. **ملف الأرشيف المتواجد بحوزة فرنسا ما يزال يثير جدلا كبيرا، برأيكم إلى أي مدى يمكن أن يستمر الخلاف حول هذا الملف الشائك ؟ أتوقع أن هذا الخلاف سيستمر سنوات أخرى لأن فرنسا غير مستعدة لأن تمنحنا أرشيفا يفضح جرائمها البشعة كما سيكشف تورطها رفقة بعض الجزائريين الموجودين في القمة في أمور خطيرة جدا وأعتقد أيضا أننا لم تكن لنا الإرادة اللازمة للمطالبة بهذا الملف الخطير. والحقيقة أن فرنسا لم تمنحنا سوى أرشيفا بسيطا لا يسمن ولا يغني من جوع يخص خطي شال وموريس بعد 46 سنة ماذا نفعل به الآن لو منحتنا إياه قبل سنوات لأستعنا بروسيا التي لها خبرة في هذا المجال لكن الآن الأرض تغيرت والعمران غزاها فلا فائدة من هذا الأرشيف الذي تحصلنا عليه. **نادى مجاهدون وقادة تاريخيون وأعضاء في الحكومة الجزائرية بضرورة اعتراف فرنسا بجرائمها وتعويض الشعب الجزائري عن كل المآسي التي لحقته، هل في اعتقادكم فرنسا سترضخ لهذه المطالب أم أنها ستواصل سياسة المماطلة؟ العالم كله يعرف حجم الجرائم التي ارتكبتها ضد الشعب الجزائري لا أعتقد أنها ستعترف بما اقترفته أياديها الملوثة بدماء الشهداء لكن علينا مواصلة المطالبة والضغط أكثر حتى نعيد الاعتبار لتاريخنا وتضحيات شعبنا حتى ولو بعد سنوات أخرى. **قضية المجاهدين المزيفين التي أثيرت في السنوات الأخيرة وأحدثت ضجة إعلامية كبيرة، هل تعتقدون أنها ورقة ضغط أي كان نوعها من طرف بعض الجهات لأغراض ما، أم أن عائلة المجاهدين الكبيرة اخترقت فعلا وأصبح في صفوفها أشخاص مزيفون يحملون صفة مجاهد؟ نعم بكل صراحة هناك مجاهدون مزيفون أغلبهم استعان بأقاربه ليثبت مشاركته في الثورة التحريرية عندما نقضي على مصطلح الرشوة سنحل حينها مشكلة المجاهدين المزيفين فخلال مؤتمر المجاهدين سنة1996 سألت وزير المجاهدين حينها عن العدد الرسمي للمجاهدين فذكر الرقم 85000 مجاهد فقلت له أن الرقم الحقيقي لا يتعدى 45000 مجاهد من حاملي السلاح بعد توقيف القتال لكن بعيدا عن الأرقام وأحقية كل شخص في حمل بطاقة مجاهد أقول أن الشعب الجزائري هو أساس هذه الثورة وهو الذي تحمل المعاناة والقسوة والتعذيب والقتل والذبح والتجويع والعري من طرف الحركى والجيش الفرنسي هو من يستحق الاحترام والتبجيل والتخليد . **السيد ملاح أعود بكم إلى بداية الثورة ما هو الانطباع الذي كان سائدا في تلك الفترة بين أفراد الشعب الجزائري، وهل كان هناك إحساس بأن شيئا ما يطبخ في الخفاء رغم أن التقارير الفرنسية أكدت أن كل شيء على ما يرام في منطقة الأوراس؟ لا أتذكر جيدا لأنني كنت لا أزال طالبا، حيث التحقت بالثورة سنة 1956 لكن أقول أن السرية الكاملة التي تطبع نشاط القادة التاريخيين لم تكن تتيح لأفراد الشعب أن يستقرئ الأوضاع، وكما ذكرت فحتى ضباط فرنسا هنا في باتنة لم يتمكنوا من كشف تحركات المجاهدين وهو ما يجعلني أقول أن نجاح الثورة عند اندلاعها كان بسبب الانضباط الكبير والسرية والتنظيم على أعلى مستوى والإخلاص والإيمان بالقضية والتوكل على الله حتى أن فرنسا بعد اندلاع الثورة قامت بعملية إنزال كبير للعسكر وكانوا يقولون (أخمدوا الثورة في الأوراس تخمد في باقي مناطق الجزائر). **برأيكم هل اختيار ليلة أول نوفمبر لاندلاع الثورة كان مدروسا خاصة أن هذا التاريخ يصادف عيد القديس عند الأوربيين؟ طبعا اختيار التاريخ لم يكن اعتباطيا بل تمت دراسته بدقة عالية وهو موعد الحفلات والسهرات عند الأوربيين، ما يعني تراخي في عمليات المراقبة والحراسة وهذه المعطيات ساعدت المجاهدين على تنفيذ الهجومات على المراكز المستهدفة وضمان نجاحها. **الرائد عمار ملاح انطلق قطار الثورة فكيف كان وقعها على الشعب الجزائري خلال الأيام الأولى؟ المواقف اختلفت بين الناس في البداية فهناك من كان خائفا وآخر فرحان وكأنه كان ينتظر هذا اليوم العظيم والبعض لم يفهم شيئا مما حدث. **المجاهد عمار ملاح شكرا لكم على هذا الحوار القيم وعلى سعة صدركم. نبذة عن حياة الرائد عمارملاح ولد المجاهد الرائد عمار ملاح يوم 15 / 02 /1938 بدوار الحراكتة بتحمامت حاليا تدعى المعذر وزاول تعليمه الابتدائي بمسقط رأسه ثم التعليم الثانوي بقسنطينة والتحق بصفوف الثورة وبجيش التحرير وعمره لا يتجاوز 18 سنة سنة 1956 بعد إضراب الطلبة يوم 19 ماي من ذات السنة وتقلد بعدها عدة مسؤوليات في جيش التحرير منها عضو بقيادة مجلس الولاية الأولى وعضو بالمجلس الوطني للثورة الجزائرية برتبة رائد وبعد الاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية عين قائدا للناحية العسكرية الخامسة بباتنة بين سنتي 1962 و1964 ثم قائدا للناحية العسكرية الرابعة بورقلة من سنة 1964 إلى سنة 1965 ثم للدراسات العليا للأركان للجيش بأكادمية (فرونزي) بالإتحاد السوفياتي من 1965 إلى 1967 ليعين بعدها عضوا بقيادة الأركان العامة للجيش الوطني الشعبي مكلفا بالتنظيم في النصف الثاني من سنة 1967 وهو حاليا عضوا بالمجلس الوطني للمجاهدين منذ سنة 1990 ومسؤول بجمعية أول نوفمبر بباتنة واقتحم مجال التأليف في السنوات الأخيرة حيث صدرت له العديد من المؤلفات تؤرخ لمراحل الكفاح المسلح بمنطقة الأوراس كما تناول حياة أبرز القادة التاريخيين.