أكّد فضيلة الشيخ محمّد المأمون القاسمي الحسني أنّ تطبيق عقوبة الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى يشكّل رادعًا قويًّا للجناة، رحمة للناس، وكفّ للشرّ عنهم، وأنّها أثبتت فعاليتها في إصلاح الفرد والمجتمع، وشدّد رئيس الرابطة الرّحمانية للزّوايا العلمية وشيخ الزّاوية القاسمية بالهامل على أنّ تعطيل الحكم الربّاني تطاول على الله، واستخفاف بأحكامه وحدوده، وأنّ ترك الجناة من غير عقوبة رادعة يجعل المجتمع يعيش ويلات الجرائم، بكل ماتثيره من فتن، وما تفرزه من تداعيات واضطرابات اجتماعية. عبّر فضيلة الشيخ محمّد المأمون القاسمي الحسني، رئيس الرابطة الرّحمانية للزّوايا العلمية وشيخ الزّاوية القاسمية بالهامل، في رسالة تحوز »صوت الأحرار« نسخة منها، عن قلقه المتزايد إزاء »ما شهدته بلادنا في المدّة الأخيرة من جرائم الاختطاف، وقتل الأطفال، ونهب الأموال، وتصاعد حالات ترويج المخدّرات« وبدافع توضيح موقفه بشأن هذه القضايا، أكّد الشّيخ أنّه»يستند إلى أحكام الإسلام وقواعد شريعته السمحة« من خلال تجديد دعوته إلى تطبيق حكم القصاص في القتلى، باعتباره »يتعلّق بحكم شرعه الله، بنصّ القرآن«. خلال رسالته أكّد الشيخ القاسمي أنّ الشريعة الإسلامية اعتبرت إقامة ذات العقوبة واجبًا أساسيًا وفرضًا على وليّ الأمر، في كلّّ زمان ومكان، وأنّه لا يجوز لأحد إلغاؤه أو تعطيله، تحت أيّ ذريعة، لأنه بذلك يعطّل ما فيه رحمة للناس، وكفّ للشرّ عنهم »ومن رحمة الله بعباده أنه فرض القصاص، في القتل، وشرّع العفو والديّة، إذا وقع الرضا، وعفي للقاتل عن جنايته، من جهة أخيه وليّ الدّم، بأن صفح عنه من القصاص الواجب عليه«، وفيما أكّد أنّ » الأحكام الشرعية واجبة التطبيق، لأنّها ليست من وضع البشر، وأنها حكم إلهي بنصّ قطعيّ، ثابتة لا تتغيّر ولا تتبدّل، ولا تقبل الإلغاء. دعوة إلى تحقيق العدالة بين الجريمة والعقوبة في ذات السياق أكّد الشيخ القاسمي استنادا إلى قوله تعالى »وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً«، أنّ اختيار الإنسان لا يكون إلاّ إذا التبس الأمر، ولم يتّضح، أو كان له وجوه من الاحتمالات، »أمّا إذا عُلم حكم الله، فيجب أن ينتهي حقّ الإنسان في الاختيار، وأنّ »من علم حكم الله في أمر، ثم اعتقد أنّ غيره أقرب إلى العدل، أو أحفظ للمصلحة، فقد تطاول على الله، واستخفّ بأحكامه وحدوده. فإذا تجرّأ الإنسان، واختار غير ما اختاره الله، كان عاصيا لربه، رافضا لشرعه، ولن تكون عاقبته سوى الضياع والخسران«. من جهة أخرى، ذكّر شيخ الزّاوية القاسمية بالهامل بأنّ العقوبات في الإسلام مناسبة للجرائم التي توجبها، وبذلك وجب أن يكون العقاب شديدا على اقتراف جرائم شنيعة على غرار الاختطاف والاغتصاب، وإزهاق الأرواح، والفساد في الأرض، بنهب المال العام، وإهدار الثروات، وترويج المخدّرات، مضيفا أنّ القصاص عقوبة قاتل النفس، شرعت لحكم ومقاصد عظيمة، منها حماية المجتمع من الجريمة، وتوطيد الأمن واستئصال الفساد، مشدّدا على أنّ ترك الجاني من غير عقوبة القصاص يجعل المجتمع يعيش ويلات الجرائم، بكلّ ما تثيره من فتن، وما تفرزه من تداعيات واضطرابات اجتماعية، فيما يهدف إعدام الجناة إلى تحقيق العدالة بين الجريمة والعقوبة، »ولا تكون المساواة بين قتل النفس عمدًا وبين العقوبة، إلاّ إذا كانت بإزهاق روح الجاني، وليس من العدالة أبدا أن يعاقَب المجرم بالسجن المؤبّد أو المشدّد، وتحفظ له حياته، وقد تخفّف هذه العقوبة أحيانا، وقد يكون العفو عنه بإطلاق سراحه، جزاء إزهاق روح إنسان بغير حق«. عدم تطبيق عقوبة القصاص على الجناة يشجّع المنحرفين، يقول الشيخ القاسمي، فيتجرّؤون على ارتكاب الجرائم، دون اكتراث بالعقوبة، مادامت بعيدة عن عقوبة الإعدام، بينما تشكّل الأخيرة رادعا قويا، وقد أثبتت فعاليتها تاريخيا في إصلاح الفرد والمجتمع، بل ومؤكّدة لردع مجرمين ليس لهم ضمير ولا وازع دينيّ أو مراقبة داخلية، بينما تعطيلها يجعل القتل يفشو بين الناس، كما تفشو كثير من الجنايات، ويهون أمر الدّماء على الناس، كما استنكر الشيخ أيّ دعوة إلى تعطيل حكم شرعه الله، بنص القرآن، وانتقد دعاة إلغاء عقوبة الإعدام »ينطلقون من مبادئ حقوق الإنسان، بخلفيات فكرية، ونظرة غربية لا تكترث بالآخرين، ولا تقيم وزنا لدينهم ولا لثقافتهم وخصوصياتهم وطريقة حياتهم«، مشيرا إلى أنّه يعدّ تشريعا لا يهدف إلى الانتقام من القاتل، وإنما يهدف إلى تحصين حياة الناس، وحفظ أرواحهم، وتحقيق أمنهم.