هل يصدق المصريون تنمر رئيسهم أمام مجلس الشعب؟ وهل اقتنعوا بأن مصر دولة عظمى يمكن أن تخيف أحدا؟ مساكين هم إن صدقوا أو اقتنعوا، ومسكين مبارك إن توهم أنه يمكن أن يخيف أحدا، أو أنه يمكن أن يقنع شعبه بأنه المدافع عن كرامة الوطن والشعب. منذ أيام والعالم يتابع بذاءات الإعلام المصري، الحكومي والخاص، وفي أكثر من مرة سمعنا السفهاء يدعون إلى معاقبة الجزائر وإلى الضرب بيد من حديد، وفي لحظة خيل إلينا أن مصر قوة عظمى وأنها تتحكم في مصائر الأمم بفعل قوتها الاقتصادية والعسكرية، ولولا معرفتنا بحجم مصر وقدراتها لتملكنا الرعب ولانتظرنا سقوط السماء علينا كسفا. تحدث مبارك عن كرامة المصريين في الخارج وعن عدم التهاون في حمايتهم، ولم يجرؤ على ذكر الجزائر بالاسم، ويعلم القاصي والداني أن هذا الكلام موجه إلى الغوغاء الهائجة التي تهاجم الجزائر ورموزها، فهو تهدئة للخواطر المصرية التي كسرت بفعل هزيمة رياضية عادية حولها الريس إلى قضية سياسية لتسهيل ركوب ابنه على ظهر الشعب المصري المغلوب على أمره، وهذا الكلام لا تزيد قيمته عن اللاشيء، لكن المقتاتين على فتات موائد السلطة في مصر سيجعلون منه نصرا مؤزرا لمصر وهم الذين احترفوا صناعة النصر بالكلام في كل الميادين. عندما تحمي الجزائر الرعايا الأجانب على أراضيها فإنها تفعل ذلك من باب احترامها لنفسها ولدورها، فليس من طبع الجزائريين الغدر بمن ائتمنهم على نفسه وماله وعرضه، وليست الجزائر التي تهاجم فيها السفارات ويتسلل اللصوص والمجرمون إلى إقامة سفير دولة أجنبية، ولا علاقة لحماية الأجانب هنا بما يقوله ريس المصريين هناك. عن أي كرامة يتحدث مبارك؟ هلا تذكر كرامة الجنود المصريين الذين ترسلهم إسرائيل في التوابيت دون أن يتحرك حاكم مصر وخدامه المحيطون به؟ إن كرامة الشعب المصري تهدر يوميا في الداخل قبل الخارج، وما يفعله خدم النظام في الإعلام المصري القذر اليوم هو أكبر إهانة للشعب المصري. إنكم أصغر بكثير من أن تخيفوا الجزائر لأن فيها شعبا لا يعرف الخوف أبدا والتاريخ يشهد، أما إذا كان مبارك يريد أن يتقمص دور البطل فلا بأس من تذكيره بأن السياسة ليست ميدان سيرك.