احتدمت المواجهات بين المتمردين التوارق والجيش المالي، وكشف زعيم تحالف توارق شمال مالي من أجل التغيير أن قواته قد ألحقت خسائر فادحة بالجيش النظامي، في حين أفادت وزارة الدفاع لدى حكومة باماكو أن قواتها تمكنت من القضاء على 20 مسلحا من عناصر التوارق، ويأتي هذا التصعيد في وقت تحركت فيه الجزائر مجددا من أجل التوصل إلى هدنة بين الطرفين المتنازعين. كشف إبراهيم أغ باهنغا زعيم تحالف توارق شمال مالي من أجل التغيير أن عناصره دحروا القوات المالية و"المليشيات" التابعة لها فجر الخميس الفارط في أكبر وأطول معركة بين الجانبين استمرت ثلاثة أيام، وأضاف قائد المتمردين التوارق متحدثا ل"توارق أونلاين" أن الجيش المالي حاصر المقاتلين التوارق في إحدى جبهاتهم وقام بقصف متواصل بالأسلحة الثقيلة لأكثر من ثلاثين ساعة قصد تشتيت من أسماهم ب " الثوار" واقتحام مواقعهم، إلا أن مقاتلي التحالف استطاعوا – حسب قوله – الالتفاف على قوات الجيش التي حاصرتهم من ثلاث جهات ودحروها صباح اليوم. ولكن على عكس تصريحات باهنغا فإن وزير الدفاع والمحاربين القدامى المالي أفاد بأن 20 متمردا من التوارق قد لقوا حتفهم وأصيب آخرون بجروح بعد أن هاجموا قافلة تموين تابعة للجيش في 2 من الشهر الجاري في منطقة كيدال، مضيفا بأن الحصيلة لدى القوات الحكومية اقتصرت على "إصابة شخص بجروح طفيفة ولا خسائر في الأرواح والماديات". وأوضح بيان وزارة الدفاع بحكومة باماكو أن الهجوم المنسوب إلى "لصوص مسلحين" بقيادة زعيم المتمردين التوارق إبراهيم اغ باهانغا استهدف الاثنين بعثة تموينية للجيش "انطلقت من كيدال إلى تين زاوتين" وهي بلدة قريبة من الحدود مع الجزائر. وفي الجهة المقابلة فإنه بحسب باهنغا فإن هجوما تكتيكيا لمقاتلي التحالف أدى إلى تشتيت قوات الجيش وهروبها باتجاه كيدال مبتعدة أكثر من 150 كيلوا مترا من موقع المعركة، مؤكدا أن مقاتلي التحالف يطاردون تلك القوات التي خسرت في موقع المعركة عدة مدرعات، وعدد من الجرحى، ونفى المتحدث وقوع أية خسائر في صفوف المتمردين التوارق. ويعد هذا أكبر هجوم من نوعه تقوم به القوات المالية ضد التحالف الذي فرض تفوقا عسكريا ملحوظا في الآونة الأخيرة، مع الإشارة أن المواجهات بين المتمردين والجيش المالي احتدمت بشكل لافت في الأسابيع الأخيرة بعد فشل المفاوضات الماراطونية التي جرت بين ممثلين عن تحالف الشمال من أجل التغيير وممثلين عن الحكومة المالية برعاية ليبيا وعلى أراضيها، ويتهم المتمردون التوارق القوات النظامية بعدم احترام بنود اتفاقية السلام الموقعة في الجزائر ومواصلة زحفها على المناطق الشمالية التي يتواجد بها التوارق خاصة بكيدال وتنزاواتين المتاخمة للحدود الجزائرية. تصاعد حدة المواجهات أدى إلى نزوح ألف من التوارق أغلبهم من النساء والأطفال إلى بوركينا فاسو هروبا من هول الحرب، وقالت منظمات الإغاثة أن النازحين يوجدون في ظل ظروف إنسانية جد مزرية جراء الجوع وانتشار الأمراض. وتأتي هذه التطورات في وقت أكدت فيه الجزائر سعيها من أجل إقناع الطرفين المتنازعين بالتوقيع على هدنة والعودة إلى طاولة المفاوضات على أساس اتفاقية السلام الموقعة بالجزائر، وأوضح عبد الكريم غريب سفير الجزائر لدى مالي للإذاعة إن الجزائر تسعى إلى التوصل إلى هدنة بين حكومة مالي والتوارق في الشمال لخلق جو من الثقة بين الطرفين المتنازعين قبل استئناف المفاوضات، وأكد غريّب أن كلاً من الحكومة المالية و التوارق طلبوا من الجزائر استئناف وساطتها لحل الخلاف بين الطرفين المتنازعين. وكان زعيم المتمردين التوارق إبراهيم أغ باهنغا قد كشف للصحافة عن زيارة يرتقب أن يقوم بها في غضون الشهر الحالي للجزائر، وأفادت المصادر أن لقاءا سوف يجمع وفد من تحالف التوارق في الشمال من أجل التغيير وممثلين عن بباماكو من أجل إقرار هدنة بين الجانبين وقف إطلاق النار تحضيرا لمواصلة المفاوضات من أجل العودة إلى الوضع الطبيعي على أساس بنود اتفاقية الجزائر. للإشارة كان وزير دفاع مالي قد حل الثلاثاء الفارط بالجزائر مرفوقا بوفد عسكري هام، وكانت له محدثات مطولة مع السلطات الجزائرية حيث التقى بالوزير المنتدب لدوى وزير الدفاع الوطني عبد الملك قنايزية والتي دارت حول عدة قضايا تتعلق أساسا بتمرد التوارق في شمال مالي ومواجهة مجموعات "القاعدة" وتكثيف التعاون الأمني من أجل تأمين الحدود بين البلدين.