عام بعد المحرقة الصهيونية في غزة والجريمة متواصلة، فكل التزامات ما يسمى بالمجتمع الدولي ذهبت أدراج، ومليون ونصف مليون فلسطيني يخضعون لحصار لا إنساني بلا مبرر سياسي أو أخلاقي. تحل ذكرى المحرقة في ظل تزايد تواطؤ الأنظمة العربية بالصمت، أو بالمشاركة في الجريمة، فنظام مبارك تخلى عن آخر قطرة من ماء الوجه وقرر بناء جدار فولاذي عازل بأمر من أمريكا وإسرائيل، والهدف مرة أخرى هو إحكام الحصار على الشعب الفلسطيني لإجباره عن التخلي عن حقه وشرف الذي تدافع عنه المقاومة، ومن السخرية أن تعود ذكرى المحرقة والمصريون يرفضون إفساح المجال أمام قافلة شريان الحياة لإيصال مساعدات إنسانية إلى المحاصرين في غزة. إسرائيل دمرت قطاع غزة، وأحرقت الأطفال والنساء والشيوخ بالفسفور الأبيض، لكنها قبل أن تفعل ذلك كانت قد ضمنت تواطؤ أنظمة العار التي طالما شكلت عمقا إستراتيجيا لإسرائيل بدل أن تكون سندا للفلسطينيين، ومثلما بقي معبر رفح مغلقا في وجه الفارين من المحرقة طيلة أيام العدوان، فإنه سيبقى مغلقا في وجه الذين يريدون تقديم المساعدة الإنسانية، ولأن المعبر ليس الممر الوحيد فقد جاء الجدار الفولاذي ليكون حصن إسرائيل من الجهة المصرية. لقد اعترفت الأممالمتحدة بأن ما جرى في غزة كان جريمة حرب، وكل المنظمات غير الحكومية وثقت الجريمة، ولا شك أن الذين رفضوا تمرير تقرير ريتشارد غولدستون كانوا مشاركين في الجريمة وفي التغطية عليها، والذي يشاركون في الحصار اليوم هم شركاء في الجريمة أيضا، والذين يمنعون عن أطفال فلسطين الغذاء والدواء، ولا يسمحون بإعادة الإعمار يقفون على قدم المساواة في الجريمة مع الذين قتلوا ودمروا وسرقوا أعضاء الشهداء. المحرقة في غزة متواصلة، وهذا المجتمع الدولي المنافق سيحمل هذا الوزر وصمة عار على جبينه إلى الأبد.