الجدل والإثارة والمتابعة التي تحظى بها التحضيرات الجارية للمؤتمر التاسع لحزب جبهة التحرير الوطني في وسائل الإعلام الخاصة والعامة على السواء، يكشف فيما يكشف، الأهمية الكبيرة التي يوليها الرأي العام الوطني لهذا الحدث السياسي الذي يتجاوز المناضلين والمتعاطفين ليشمل شرائح واسعة من المواطنين? من بين كل المؤتمرات التي تعقدها الأحزاب الوطنية على مختلف مشاربها، فإن مؤتمرات حزب جبهة التحرير الوطني هي التي تحوز على القدر الأكبر من الاهتمام وتشغل الساحة السياسية والإعلامية والرأي العام، بالنظر إلى الثقل السياسي والاجتماعي للحزب، وبحكم الموقع الذي احتله ويحتله في النفوس، سواء لدى الأنصار والمتعاطفين أو لدى الخصوم والمنافسين? الامتعاض والنرفزة التي يبديها بعض المناضلين وحتى الأنصار عما يكتب وينشر ويقال عن تحضيرات المؤتمر في هذه الأيام، نراها من جانبنا غير مبررة وفي غير محلها، لأنها وعند التحليل الأخير لا تعكس سوى الموقع المركزي الذي يحتله حزب جبهة التحرير الوطني في عقل وقلب الجزائريين بصرف النظر عن مواقعهم وتوجهاتهم السياسية? لقد كان من حق المناضلين والمتعاطفين أن ينزعجوا فعلا ويسألوا ويتساءلوا إذا انشغل الإعلام والناس عنهم، أما وهم ينشغلون بهم وبحزبهم وبمؤتمرهم، فهو الدليل المادي القاطع على الأولوية والحظوة اللتين يتمتعان بهما عند الشعب ولدى كل الأطراف العاملة في الساحة السياسية. بل وعلى المناضلين المتمرسين الواعين، أن يدركوا منذ الآن- على شهر ونصف من المؤتمر- أن المقبل من الأيام، وكلما اقترب الموعد سيعرف المشهد السياسي ألوانا وضروبا من الأخبار والتسريبات التي لن تصب بالضرورة في ما يتوقعون ولا ما يأملون? والمناضل الصلب الواعي هو الذي يستقبل الأمر بموضوعية ويدرجه ضمن خانة التحرشات الطبيعية المتوقعة من حزب تكفل بما تكفل به حزب جبهة التحرير الوطني على مدى عقود من الزمن وأبلى البلاء الحسن في أغلبها. بالقدر الذي تزداد التحرشات وتزداد التسريبات المغرضة بقدر ما يتوجب على مناضلي حزب جبهة التحرير الوطني أن يزدادوا ابتهاجا واعتزازا بحزبهم، لأن غيرهم من الأحزاب يعقد مؤتمراته في صمت يكاد يكون مطبقا، فلا عين رأت ولا أذن سمعت، وهو ما لا يرضاه الجبهويون لحزبهم ولا يقبلوا به? التحرير