لو أن ليبيا هي التي قررت منع رئيس سويسرا من دخول أراضيها، لسحبت الدول الغربية كلها سفراءها من طرابلس للتشاور. ولكن العكس هو الذي حصل، فالدول العربية كعادتها لم تفعل شيئا إلا الجزائر فقد أخذت موقفا شجاعا إلى جانب طرابلس، ودعت إلى تسوية الخلاف بين سويسرا وليبيا عن طريق القوانين والأعراف الدولية. العلاقات الليبية السويسرية تعرف حالة من التوتر، بدأت العام الماضي مع توقيف نجل القذافي في ليبيا، و بادرت طرابلس إلى معاملة سويسرا بحزم لم يسبق للغرب أن تعود عليه من قبل دولة عربية، فاضطرت سويسرا إلى إطلاق سراح نجل القذافي. واليوم تعود الأزمة مجددا في شكل أقوى وأصعب، بمنع سويسرا 188 شخصية ليبية كبيرة بمن فيهم العقيد معمر القذافي من دخول أراضيها، وهو ما جعل ليبيا تقف لها الند للند. ثم تعقدت الأمور بمطالبة ليبيا سفارة سويسرا في طرابلس تسليمها أحد المتهمين الذي لجأ إلى السفارة وتسليمها آخر دخل بطريقة غير شرعية لكي تمكنه من مغادرة ليبيا، وأمهلت السفارة 48 ساعة بعد أن اعتبرت ما قامت به السفارة السويسرية مخالفا للأعراف الدبلوماسية بتوفير الحماية للمتهمين مسيئة تطبيق مفهوم الحصانة. الموقف الجزائري جاء مؤيدا ومنحازا لليبيا ، وفي الوقت نفسه يدعو إلى حل الخلاف على أسس العلاقات بين الدول ذات السيادة. والمفروض من الجامعة العربية أن تتخذ موقفا مماثلا وحازما بخصوص الموضوع، خاصة أن ليبيا ستحتضن شهر مارس الداخل القمة العربية. وعلى الدول العربية فرادى أن تنحاز إلى ليبيا، ليس من منطلق " عنصري " ، بل لأن ليبيا لم ترتكب شيئا تدان عليه ويرتقي إلى مستوى منع رئيس الدولة من دخول تراب دولة أوروبية. لو أن ليبيا هي التي قامت بوضع قائمة من الشخصيات السويسرية بمن فيهم الرئيس ممنوعة من دخول الأراضي الليبية لكان الغرب اليوم يغلي من أقصاه إلى أقصاه. وأنا أستذكر اليوم، هبة الغرب كله في تأييد إسبانيا ضد المملكة المغربية بحجة " احتلالها " حجرة في البحر المتوسط بحجم ملعب كرة قدم وهي جزيرة " ليلى " ، وإسبانيا حينها حركت أسطولها البحري من أجل 100 متر مربع. وربما كذلك يفعل الغرب لو طالبت المغرب باسترجاع سبتة ومليلة. إنهم متضامنون حتى في الظلم .. أفلا تستحق ليبيا التضامن على الأقل، وهي على حق في الدفاع عن حقها وسمعتها وصورتها وأبنائها وكرامتها.