انتقد وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، مضمون التقرير السنوي للجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان التي دعا رئيسها فاروق قسنطيني إلى مراجعة الملاحظات التي دوّنها في هذا الشأن بناء على معطيات تعود إلى سنتين، وبحسب السعيد بركات فإن الوضع تغيّر بكثير بعد مرور هذه المدّة، فيما نفى أن تكون الوزارة مارست أي شكل من التهديد على الأطباء المضربين لإرغامهم على توقيف الحركة الاحتجاجية. على الرغم من اعتراف وزير الصحة الذي كان يتحدّث أول أمس في تصريح للصحفيين على هامش جلسة الأسئلة الشفوية بالمجلس الشعبي الوطني، ب »الصداقة الوطيدة« التي تجمعه برئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان فإنه ترك الانطباع بأنه لم يهضم ما جاء من ملاحظات سلبية في التقرير السنوي لهذه الهيئة الحقوقية التي تخضع لسلطة رئيس الجمهورية، مستندا في موقفه على المجهودات التي بُذلت في السنوات الأخيرة لتحسين مستوى أداء المؤسسات التابعة للقطاع. وأورد السعيد بركات في هذا السياق بأنه أبلغ قسنطيني بالأمر ودعاه للقيام بجولة في كافة المستشفيات ليطّلع على الوضع عن قرب، كما شدّد على ضرورة إعادة النظر في التقرير »لأن الأمور تغيّرت وهناك تحسّن كبير«، ولم يمنع هذا التشخيص الإيجابي الذي قدّمه المسؤول الأوّل على قطاع الصحة من الإقرار بوجود بعض النقائص، وقد برّر ذلك بالقول »لا يمكن لنا تغيير الوضع في ظرف قياسي لأن المسألة مرتبطة أيضا بالثقافة والسلوكيات داخل المجتمع«. وضمن الجهود التي تبذلها الوصاية من أجل تحسين وضعية المؤسسات الاستشفائية، كشف الوزير عن تكوين 180 طبيب ستكون مُهمّتم الأساسية القيام بزيارات مفاجئة لمختلف المستشفيات للوقوف على مدى التكفل بالمرضى، كما تحدّث عن حركة تغيير واسعة شملت مدراء الصحة بعدد من الولايات إضافة إلى تحويلات أخرى مسّت مدراء بعض المستشفيات، مُعتبرا هذه الحركية بمثابة مؤشر إيجابي على المساعي الدائمة لتطوير القطاع. وفيما يتعلّق بالإجراءات التي اتخذتها مصالح الوزارة لوقف إضراب الأطباء الممارسين والأخصّائيين، فإن بركات نفى ممارسة أي تهديد على المضربين لأن الأمر، على حدّ قوله، مُتعلّق بحكم صادر عن العدالة الجزائرية يقضي بعدم شرعية الإضراب، مشيرا إلى أن الوزارة لم تغلق باب الحوار »لقد صبرنا مدة ثلاثة أشهر وليس هناك دولة في العالم تسكت عن وضع كهذا طيلة هذه المدّة«، كما رأى بأن القانون الأساسي استجاب لكافة الانشغالات باستثناء بعض مطالب النقابات التي وصفها ب »غير المنطقية« على غرار وضع الصيادلة وجراحي الأسنان في نفس مستوى الأطباء العامين وكذا التنازل عن السكنات الوظيفية. وكان وزير الصحة أعلن في ردّه على سؤال شفوي للنائب بايزيد العربي، بأن الجزائر قرّرت شراء مستشفى الصداقة الجزائرية الكوبية بالجلفة ب »قرار سياسي« في إطار اللجنة المختلطة بين البلدين، وهو القرار الذي يسري على ثلاث مستشفيات أخرى سيتمّ استلامها خلال أسابيع في كل من سطيف وبشار والوادي، وبالتالي فإنها ستُصبح مستشفيات جزائرية رغم أن الشريك الكوبي هو الذي أشرف على إنجازها وتجهيزها. وإذا كانت عملية الشراء لهذه المستشفيات كلّفت خزينة الدولة 3 مليار دينار، فإن السعيد بركات برّر الوضع بالشكاوى العديدة للمواطنين من ارتفاع تكاليف العلاج والعمليات الجراحية على مستوى مستشفى الجلفة خاصة وأن الدول تعتمد مبدأ مجانية العلاج، وعليه وبعد دفع المبلغ الإجمالي سيكون التسيير جزائريا على أن يبقى الأطباء الكوبيون في الخدمة وتتحمّل الحكومة الجزائرية على عاتقها دفع رواتب هؤلاء، قبل أن يوضح الوزير بشأن الرواتب المعتمدة قائلا: »ما يجمعنا مع كوبا صداقة استثنائية وبالتالي فإن الجانب المادي لا يهمّ خاصة وأن هذه المستشفيات تتوفر على تجهيزات مُتقدّمة زيادة على أننا سنستفيد من خبرتهم بتكوين أطبائنا في مختلف التخصّصات..«.