لم يتردد بعض الخبراء بوزارة المالية في إبداء تخوفاتهم من قدرات المؤسسات الوطنية في انجاز المشاريع الكبرى بالمقاييس العالمية سواء تعلق الأمر بالنوعية أو الجودة أو آجال الانجاز، وبرأي هؤلاء فإن الحكومة منحت فرصة لا تُعوض لهذه المؤسسات من منطلق استغلال القدرات الوطنية والرفع من مستواها، وعليه، فإنها ستكون أمام امتحان صعب سيما وأن الغلاف المالي المخصص للمشاريع المنتظر انطلاقها يُعادل 156 مليار دولار. تطبيقا للإجراءات التي اتخذتها الحكومة الجزائرية بداية من قانون المالية التكميلي لسنة 2009، في إطار مراجعة الإستراتيجية الاقتصادية، والتي تتضمن توجهات نحو التقليص من منح مختلف المشاريع الاستثمارية إلى الشركات الأجنبية وفتح المجال أمام مختلف الشركات الاقتصادية الوطنية، سيشهد المخطط الخماسي المقبل البدء رسميا في تطبيق هذا التوجه وهو ما سيضع هذه المؤسسات في اختبار حقيقي باعتبار أن الغلاف المالي المخصص للمشاريع الجديدة التي سيُعلن قريبا عن انطلاقها يُعادل 156 مليار دولار، ناهيك عن الطريق السيار الخاص بمنطقة الهضاب العليا والذي سيُنجز بأيادي جزائرية حسب التصريحات التي أوردها وزير الأشغال العمومية عمار غول في عديد من خرجاته الميدانية، علما أن الغلاف المالي المخصص لانجاز هذا الطريق يدخل في الميزانية السابقة وليس تلك المتعلقة بالخماسي المقبل. ومن المنتظر حسب التصريحات الرسمية أن تظفر المؤسسات الوطنية بمختلف تخصصاتها، بما يُعادل 70 بالمئة من المشاريع الاستثمارية التي ستطلقها الجزائر، وهو ما جعل بعض الخبراء الرسميين، يُبدون تخوفا من قدرات هذه المؤسسات في النجاح في هذه المهمة الصعبة باعتبار أن المؤسسات الوطنية الناجحة لا يتعدى عددها أصابع اليدين، وذهب أحد الخبراء إلى القول » نعم سيتم تحريك الآلية الاقتصادية الوطنية وستتمكن هذه المؤسسات من الانتقال إلى مرحلة الاحترافية في العمل كما سيتم تشغيل أكبر عدد من العمال لكننا نتخوف جدا من النتائج« وبرأيه يجب تركيز المراقبة على الدراسات الأولية ومتابعة العمل ميدانيا وبطريقة دائمة حتى يتم تجنب الآثار السلبية التي عشناها خلال المخطط السابق مع عدد من المؤسسات على مستوى عديد من القطاعات بما فيها قطاع البناء، بحيث هناك من المؤسسات الوطنية التي لم تتمكن من استكمال مشاريعها ما دفع السلطات إلى إعادة منح هذه المشاريع إلى شركات أجنبية مع مُضاعفة التكاليف. وذهب خبير آخر إلى التأكيد بأنه ليس من العيب اللجوء إلى شركات أجنبية لانجاز المشاريع وهو المعمول به في مختلف دول العالم، لكن، يُضيف بقوله، »على كل دولة أن تفرض شروطها فيما يتعلق العمالة وكذا الاستفادة من تكوين الإطارات وأخذ التجربة الكافية التي تُمكن من خوض مشاريع مماثلة مستقبلا«. وشدد الخبراء الذين تحدثوا إلينا، على ضرورة أن تتخذ الحكومة إجراءات صارمة قبل البدء في منح المشاريع المقبلة إلى المؤسسات الوطنية وأن تكون هناك لقاءات وطنية للتحسيس بأهمية الغلاف المالي المُخصص للخماسي المقبل والتركيز على ضرورة إنجاح كل المشاريع التي سيتم برمجتها. في سياق متصل، يرتقب أن يُنظم الاتحاد العام للعمال الجزائريين ندوة وطنية خلال الأيام القليلة المقبلة لتحسيس الطبقة الشغيلة بأهمية المخطط الخماسي المقبل وضرورة إنجاحه باعتباره قادر على الانتقال بالجزائر إلى المراكز الأولى في قائمة الدول الناشئة، ولا يُستبعد في هذا الإطار أن تشهد هذه الندوة افتح النقاش حول مدى قدرة المؤسسات الجزائرية في عملية انجاز المشاريع التي ستوكل لها.