إن العمل هو الثروة الحقيقية التي لا تنضب. كشفت المنظمة العالمية للأغذية مؤخرا أن ما يربو عن مليار من البشر في مختلف جهات العالم يعانون الجوع ونقص التغذية .. مليار جائع .. معظمهم في العالم الثالث ومنهم العالم العربي والإسلامي وإفريقيا. والحقيقة أن المليار الذي تتحدث عنهم إحصائيات الأممالمتحدة هم أولائك الذين يوشكون على الهلاك .. بسبب الجوع .. تلك الظاهرة التي قال عنها أبو ذر الغفاري قبل 14 قرنا : » لو كان الجوع رجلا لقتلته « .. أما الفقراء أي الذين يعيشون في حدود الفقر أو حتى دون خط الفقر ، فيتجاوز عددهم ذلاك بكثير. مليار جائع من أصل 7 ملايير.. أي أن الجوع القاتل يمس 1/6 من السكان .. أما الخمس من السكان، فهم قسمان : قسم في مستوى خط الفقر، والقسم الآخر ويقدر بثلث السكان فهم يعيشون في الرفاهية والبذخ. هؤلاء الثلث ، هم الذين يتحكمون في ثلثي ثروات البشر، بينما يتقاسم الثلثين الثلث فقط. ما يعني أن العالم مضروب في مقتل من حيث اللاعدل في توزيع الثروات من جهة، ومن حيث البذخ والتبذير الذين يعيشه البعض والذي أدى إلى الجوع والمجاعة. وما جاع فقير إلا بما متع به غني حسبما جاء في الأثر. الجوع لديه عدد كبير من الأسباب منها ما هو طبيعي كالجفاف والفيضانات لكن معظم أسبابه بشرية. فالدول التي تعيش ظاهرة الجوع والفقر ونقض الماء الصالح للشرب وقلة الدواء وانتشار الأمراض وسوء التعليم وغيرها هي في العادة دول متخلفة من حيث النظام السياسي، حيث تحكمها أنظمة دكتاتورية ليس لها بعد نظر في الحكم، وموالية للأجنبي، وعابثة بثروات الأمة.. وذلك هو الذي جعل دولا في إفريقيا مثلا جائعة ومهددة بالزوال أصلا وهي التي تملك الثروات الطبيعية المتعددة والمتنوعة والتي تعتبر شريان التقدم في الغرب ..وذلك هو الذي جعل عديد الدول تعد في نظر الغرب « سلة الخبز « بينما شعوبها تموت جوعا وعطشا .. تلك الدول التي يفقد فيها النظام السياسي شرعيته ، فقدت قيمة العمل .. فأصبحت كسولة خمولة، تتكل على ما يجود به الآخرون خاصة المنظمات الدولية غير الحكومية، ما حولهم إلى »حيوانات أسيرة « بطونها وأسيرة الآخر. عندما يحكم العالم الفقير .. أنظمة سياسية وطنية .. لا تهتم بملء حساباتها في الخارج بقدر ما تهتم بتنمية مواطنيها وبلدانها ، وتعيد للعمل قيمته وللعامل سمعته .. وتهتم بالإنسان من حيث كونه إنسيان لا يحيى بالخبز وحده فقط .. حينها يمكن أن نتكلم عن دول في طريق الخروج من الجوع بدل الدول التي يهددها الجوع بالزوال .. لأن العمل هو الثروة الحقيقية التي لا تنضب.