كيف كانت بداياتك مع الصحافة؟ الصحافة كانت حلم الطفولة الأول، كنت أتخيل نفسي وأنا طفلة اقدم البرامج وأحاور الضيوف وأمارس هذه اللعبة مع شقيقتيوصديقاتي بالمدرسة، ذلك لم افكر مرتين في دراسة الإعلام، انضممت للإذاعة الوطنية القناة الأولى وأنا لازالت طالبة بالجامعة في سن التاسعة عشر ومن هنا بدأت قصتي مع الإعلام و الإعلام الثقافي بشكل خاص، عشقي للأدب والسينما والمسرح دفعني نحو هذا التخصص رغم أن عائلتي كانت تفضلني مقدمة لنشرات الاخبار. حدثينا عن تجربتك في الإذاعة؟ في الحقيقة لم تكن الإذاعة خياري الأول حيث كنت أميل للتلفزيون أكثر، لكن القدر كان له رأي آخر ولأنه لاحت لي فرصة دخول الإذاعة اقتنصتها فورا وأنا مدفوعة بفكرة ان الإذاعة مدرسة السمعي البصري الأولى، لكن من قال ان الحب يأتي من النظرة الأولى دائما، أحيانا يأتي مع النظرة الثانية، مع بداية عملي الإذاعي وقعت أسيرة لسحر الإذاعة الخاص، الإذاعة تمنحك حرية اكبر وتدفعك للعمل الأكثر هي تتطلب قدرة خاصة على جعل الصوت مركز الحضور والجاذبية و نجاحك فيها يعتمد على قدرتك على المناورة به و تحريك خيال المستمع و جذبه نحو عالمك، فالصوت وحده مؤثراتك الخاصة والإذاعة تعني أيضا انه عليك ان تمتلكي ثقافة موسوعية الاشتغال على تطوير الزاد المعرفي أهم سر من أسرار الإذاعي الناجح ، تجربتي في الإذاعة مغامرة معرفية جميلة تتجدد كل يوم وتزداد إثارة مع كل برنامج جديد أنتجه وأقدمه. كيف تقيمين واقع الإعلام في الجزائر؟ التجربة الإعلامية الجزائرية فريدة وخاصة، والإعلاميون الجزائريون مروا بظروف صعبة خاصة في العشرية السوداء أين لعبت تلك الظروف دورا كبيرا في تعطيل تطور الإعلام الجزائري لكنها بالمقابل ساهمت في إظهار قدرات إعلامية على درجة عالية من المهنية، واعتقد أنها تحتاج لدراسات معمقة لتقييمها خصوصا بعد اكثر من ربع قرن من ممارسة التعددية الإعلامية، ربما ماينقصنا هو آليات وضوابط لا تتعارض مع حرية الإعلام ومجلس للأخلاقيات وهي آليات معمول بها في كثير من الدول حتى لا تنزلق بعض وسائل الإعلام خاصة السمعية البصرية، لان الصورة اخطر وأسرع انتشارا نحو ممارسات تتنافى مع أخلاقيات المهنة وأبجديات المصداقية وتصبح وصلات للردح و الإثارة واستفزاز المتلقي دون رادع ودون تقديم فائدة حقيقية لا على صعيد المعلومة ولا حتى على صعيد الترفيه ، ولا يجب ان نتجاهل أن وسائل الإعلام بجميع اشكالها حتى شبكات التواصل الاجتماعي صارت عاملا فاعلا و أساسيا في حياتنا لذلك تحكيم أخلاقيات المهنية أمر لا مناص منه، وأنا واثقة ان الإعلام الجزائري يزخر بطاقات شبابية متحفزة وعلى درجة عالية من الاحترافية فقط تحتاج لفرصة ولصقل موهبتها من أجل ان تظهر قدراتها. هل تعتقدين أن الإذاعة لا زالت مدرسة إعلامية أو لنقل "تكوينية" لجل صحفيي السمعي البصري؟ البعض يرى أن الإذاعة في ظل التطورات التي يشهدها الإعلام حاليا وسيطرة الانترنت على حياتنا والهوس بالصورة الذي صار يجتاحنا عبرالفيس بوك واليوتيوب والانستاجرام فقدت وهجها بل صار وجودها مهددا لكن الحقيقة عكس ذلك تماما الإذاعة نفسها استفادت من التطورات الحاصلة وصارت للإذاعات تطبيقاتها الخاصة على الهواتف المحمولة ولها صفحاتها الخاصة على شبكات التواصل وقنوات على اليوتيوب بمعنى أن الإذاعة وهي الوسيلة الأكثر صمودا أثناء الأزمات صارت أقرب للمتلقي وفي متناوله في اي وقت أكثر من أي زمن مضى ما يعني أيضا أن الاذاعة لاتزال تملك القدرة على الاستمرار رغم كل التغيرات الحاصلة وهي بالفعل مدرسة حقيقية تخرجت منها أسماء لامعة صنعت نجاح التلفزيونات عبر العالم والشواهد على ذلك لا يمكن حصرها ومثلما قلت سابقا الإذاعة تمنحك مساحة حرية أكبر لإبراز موهبتك وقدراتك افضل من التلفزيون وجهدك لا يضيع أبدا في الديكور أو في أي مؤثرات بصرية تصرف الانتباه عن أدائك الخاص. رأيك في البرامج الثقافية التي تبث على مختلف و سائل الإعلام؟ أعتقد أن المشكلة في الجزائر ليست مشكلة إعلام ثقافي بالأساس بل هي مشكلة أولويات أي موقع تحتله الثقافة في سلم أولوياتنا، يحز في النفس أنه كل ما مررنا بأزمة اقتصادية أكثر من يدفع الثمن هو القطاع الثقافي وتهاجم المهرجانات الثقافية على أنها هدر للمال العام حتى أن ترتيب الخبر الثقافي هو أخر مايرد في نشرات الأخبار وأي انجاز ثقافي أو علمي يمر مرور الكرام وبالكاد يتحدث عنه في حين انجازات رياضية تحتل صدر الصفحات الأولى هذا لايعني أن الرياضة لايجب الإحتفاء بها أو هي أقل شانا لكن المسالة هي ذلك البون الشاسع في ترتيب الأولويات، حتى فيما يتعلق بالمسؤولية الثقافية للشركات التي تنأى بنفسها عن دعم أي مهرجان ثقافي أو أي عمل ثقافي في حين تتهافت على تمويل أشياء اخرى، المسالة هي كيف ننظر نحن للثقافة كيف ينظر المجتمع للثقافة صحيح إعلاميا هناك تقصير كبير و أعجبتني جدا فكرة الكاتب محمد بغداد الذي سعدت بمحاورته حين يتحدث عن الصحفي المثقف والصحفي الموظف وهي فكرة صحيحة تماما هل صحفيينا مثقفون أم مجرد موظفين؟ هل طلابنا في الجامعات يبحثون عن الشهادة أم عن المعرفة؟ هل الثقافة هدر للمال العام ام بناء حضارة وارتقاء بالمجتمع؟ هذه هي الأسئلة التي علينا أن نجد إجابات لها. كلمة الاخيرة؟ في الإعلام لاتوجد منطقة وسطى تكون أو لا تكون ولكي تكون عليك أن تشتغل على نفسك بجهد أكبر الموهبة ضرورية لكنها ليست كافية، الإعلام مغامرة متجددة وبحث دائم عن المعرفة وشغف لاحدود له، وشكرا لصوت الأحرار على هذا الحوار وبالتوفيق لتحقيق مزيد من النجاح.