اتفق مختصون في الشأن الاقتصادي، على أن الارتفاع المذهل لأسعار المواد الغذائية بالأسواق العالمية، بالموازاة مع ما وصفوه ب »الممارسات غير القانونية« لبعض المتعاملين، كانتا مصدر الارتفاع الفادح الذي شهدته أسعار السكر والزيت بالسوق الوطنية. قال رئيس منتدى رؤساء المؤسسات رضا حمياني، إلى أن ارتفاع أسعار بعض المواد ذات الاستهلاك الواسع كان نتيجة سلسلة من الظواهر الدولية، والتي لخصها في أن أسعار السكر بالأسواق الدولية تتجه نحو الأعلى منذ عدة أشهر جراء الفيضانات التي شهدتها استراليا، روسيا، وكذا ارتفاع الطلب بالهند، محذرا من ارتفاع الأسعار الممارسة بالأسواق الدولية من جديد، بسبب ندرة العرض العام، ليكشف فيما يخص الشأن الداخلي بأن توزيع المواد الغذائية تميّزه بعض الممارسات غير القانونية القديمة، الأمر الذي يفسر الارتفاع المفاجئ والكبير للأسعار. وفي السياق ذاته، أرجع المختص ارتفاع أسعار بعض المواد الأولية، كالسكر والزيت، بنسبة 20 إلى 30 بالمائة، إلى »انشغال السلطات بالقضاء على السوق الموازية في أقرب الآجال«، من خلال إعداد آليات كفيلة بتعزيز الشفافية في قطاع التجارة، ليؤكد ضرورة إعداد سياسة تكون تدريجية أكثر وتوافقية للقضاء على هذه السوق، مضيفا أنه في المستقبل ستحضّر السلطات بشكل أفضل لمواجهة هذا النوع من الأزمات. من جهته أرجع نائب رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، بوراس جودي، ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية الأولية إلى عوامل تقنية وبشرية، حيث يرى أن الارتفاع المذهل لأسعار السكر والزيت ناتج عن »التضخم جراء ارتفاع الطلب المحلي والتضخم المستورد، أي ارتفاع الأسعار بالأسواق الدولية، والتضخم الناتج عن النمو الذي جاء نتيجة الورشات الكبرى التي باشرتها الدولة«. كما أشار بوراس إلى أن ارتفاع الطلب على النقد الذي أصبح هاما بالنظر إلى ارتفاع الدخل، قد يشكل عاملا آخر يحفز التضخم، مشيرا بهذا الصدد إلى أن معدل التضخم في الجزائر ليس مرتفعا جدا بالمقارنة بالتضخم في البلدان الأخرى. وفيما يخص العوامل البشرية التي كانت وراء ارتفاع الأسعار، أشار المسؤول الأول ل»الكناس« إلى »تخوف المواطنين من ارتفاع الأسعار واللجوء إلى تخزين المواد الغذائية، حيث يرى المختص في علم الاقتصاد أن تدخل الدولة لضبط العرض والطلب قد يترجم بمعالجة ظرفية للتضخم على غرار الإجراءات التي اتخذتها الحكومة مؤخرا للتصدي لارتفاع أسعار الزيت والسكر، مضيفا أنه »يمكن لهذا التدخل أن يكون من خلال معالجة هيكلية للتضخم عن طريق إعادة النظر في السياسة النقدية التي ستسمح بالتأثير على العرض وتقليص الطلب«. ودعا بهذا الشأن إلى إعادة تأهيل مجلس المنافسة وتطبيق القانون المتعلق بالمنافسة من خلال السهر على التطبيق الحسن لقواعد السوق، كما أكد من جهة أخرى الإجراءات المتخذة من قبل الدولة في إطار تنظيم قطاع التجارة لا يمكن أن تكون وحدها وراء هذا الارتفاع في الأسعار، مضيفا أنه في غياب التحليل يصعب إثبات ما إذا كانت هذه الوضعية ناتجة عن الإجراءات المقررة من قبل الدولة لإصلاح قطاع التجارة. ومن جهته اعتبر المدير العام للوكالة الجزائرية لترقية التجارة الخارجية »آلجاكس« محمد بنيني أن الارتفاع المذهل لأسعار السكر والزيت منذ بداية الشهر الجاري بالسوق المحلية يعود إلى الارتفاع الكبير الذي شهدته الأسعار بالأسواق الدولية، ومنه فإن لجوء بعض البلدان إلى تطوير الوقود البيئي »الإيثانول« المستخرج من محصول قصب السكر، كوقود بديل، خلق نوع من الضغط على المواد التي تدخل في تركيب الزيوت، ويرى بنيني أنه لابد من التفكير في إنتاج وطني للسكر والزيت على المدى البعيد، مشيرا إلى أنه تم الخوض في تجارب مماثلة من قبل.