اعتبر الرئيس الصحراوي، إبراهيم غالي، أمس، سعي المغرب إلى الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي، محاولة للمساس من وحدة المنظمة القارية وتماسكها وصمودها، وطالب الأممالمتحدة بتحمل كامل مسؤولياتها في استكمال تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية، مستعجلا تنظيم استفتاء تقرير مصير الشعب الصحراوي، داعيا إلى تصعيد النضال على جميع الجبهات لبلوغ الأهداف الوطنية. قال الرئيس الصحراوي في خطاب ألقاه خلال افتتاح الجامعة الصيفية لإطارات جبهة البوليساريو والدولة الصحراوية التي حملت اسم جامعة الشهيد محمد عبد العزيز، تحت شعار " الوفاء لعهد الشهداء" بجامعة محمد بوقرة ببومرداس، إن سياسة التعنت التوسع والعدوان والتعنت جعلت المملكة المغربية تدخل في مواجهة مفتوحة مع المجتمع الدولي عامة، وخاصة على مستوى الأممالمتحدة وأوربا والاتحاد الإفريقي، واستدل ب" المناورة الأخيرة تجاه هذه المنظمة القارية التي لا تعكس نية صادقة للدخول في العائلة الإفريقية، بنظامها وقوانينها، بمبادئها وتوجهاتها، معتبرا إياها محاولة للمساس من وحدتها وتماسكها وصمودها في وجه سياسات الاستعمار، وقيادتها لشعوب القارة نحو السلام والاستقرار والتنمية والازدهار. وأشار الأمين العام للبوليساريو إلى أن فلسفة التوسع والحدود المفتوحة القائمة إلى اليوم لدى حكام المملكة المغربية، والتي لا تحترم القانون الدولي هي التي وقفت وراء الاعتداء المغربي الغاشم على حدود الجزائر سنة 1963 وهي لا تزال تضمد جراح حرب التحرير الوطني ضد الوجود الاستعماري الفرنسي، وأضاف أن تلك الفلسفة التوسعية هي التي جعلت المملكة المغربية تطالب بأراضي شاسعة من الجزائر ومالي وموريتانيا التي رفضت الاعتراف بها كدولة حتى سبعينيات القرن الماضي، موضحا أن ذلك التوجه التوسعي هو الذي يقف وراء الاجتياح العسكري للقوات الملكية المغربية للصحراء الغربية سنة 1975. وانتقد غالي ماجاء على لسان الملك المغربي في الرسالة التي بعث بها إلى قمة الاتحاد الإفريقي الأخيرة بكيغالي عاصمة روندا، ووصف كلامه ب" الحافل بلغة التكبر والاستعلاء واحتقار الأفارقة وتسفيه مواقفهم وتاريخهم، والسخرية من منظمتهم، مشيرا إلى أن محمد السادس نعتها بالمراهقة التي لا تدرك ما تفعل والمريضة التي تحتاج إلى علاج. وبعد أن أعاب الرئيس الصحراوي الموقف الفرنسي المخجل مع أطراف دولية معروفة بماضيها الاستعماري الداعم للتعنت المغربي، طالب الأممالمتحدة بتحمل كامل مسؤولياتها في استكمال تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية، آخر مستعمرة في إفريقيا، واتخاذ الإجراءات وفرض العقوبات اللازمة على دولة الاحتلال المغربي حتى تنصاع لمقتضيات الشرعية الدولية، مستعجلا تحديد تاريخ لتنظيم استفتاء تقرير مصير الشعب الصحراوي. كما طالب الأمين العام لجبهة البوليساريو، مجلس الأمن الدولي باتخاذ خطوات ملموسة وعاجلة لوضع حد لهذا السلوك المغربي الذي اعتبره يشكل اعتداءا خطيرا على ميثاق المنظمة الدولية، وتدخلا سافرا في صلاحياتها، يهدد السلم والاستقرار الدوليين، في إشارة منه إلى طرد المغرب للمكون الإداري والسياسي لبعثة المينورسو التي تتكفل بتنظيم استفتاء تقرير المصير. على صعيد آخر، ذكر غالي بالأجواء التي طبعت المؤتمر الاستثنائي لجبهة البوليساريو، مؤتمر الشهيد محمد عبد العزيز، والتي تميزت بالوحدة والانسجام والتلاحم والتصدي لمؤامرات ودسائس الاحتلال المغربي، وأضاف أن مخططاتهم تحطمت على صخرة إرادة الشعب الصحراوي، مؤكدا أن المسيرة لم ولن تتوقف مادام الاحتلال جاثما في الصحراء الغربية، داعيا إلى تصعيد النضال على جميع الجبهات لبلوغ الأهداف الوطنية التي وصفها ب" المقدسة". وبشأن الجامعة الصيفية، أكد الرئيس الصحراوي أن الفترة التكوينية المكثفة من شأنها تزويد إطارات جبهة البوليساريو والدولة الصحراوية بأدوات العلم والفكر والتحليل، على يد نخبة من الدكاترة والأساتذة والخبراء والمختصين الجزائريين المقتدرين الأجلاء، مشيرا إلى أن ذلك يمكنهم من التعامل بحكمة وتبصر مع كم هائل من الأفكار والتيارات، من التغيرات والتحولات، التي يشهدها العالم، في كل المجالات، وصهر كل ذلك في بوتقة واحدة لخدمة القضية الصحراوية والقيم الحميدة للشعب الصحراوي. في هذا السياق، أبدى غالي ثقته في أن يكون للجامعة الصيفية التي اعتبرها منبرا علميا وفكريا رائدا الأثر الايجابي في تكوين الأطر الصحراوية، من جيش التحرير الشعبي الصحراوي ومن الأرض المحتلة ومن مختلف مؤسسات جبهة البوليساريو والدولة وجعلها في مستوى التعاطي مع واقع صعب، يجمع بين معركة تحريرية ضروس وبين معركة بناء الدولة الصحراوية، لتشق طريقها بنجاح بين دول العالم. وعبر الرئيس الصحراوي اعتزازه بالتعلم من الجزائر وشعبها وتاريخها وشهدائها ومجاهديها ومناضليها وثورتها التحريرية المجيدة، كما أبدى فخره من التعلم بتجربتها في بناء مؤسسات الدولة الحديثة ومن نجاحها المشهود في تخطي العشرية السوداء وترسيخ السلم والوئام والتصدي لتهديدات الإرهاب والجريمة المنظمة، مشيدا بدور الدبلوماسية الجزائرية المتميزة في إحلال السلم والمصالحة في المنطقة والعالم. واعتبر الأمين العام لجبهة البوليساريو أن الجامعة الصيفية رسالة من الشعب الجزائري إلى شقيقه الشعب الصحراوي والعالم أجمع تحمل في طياتها عمق ونبل وسخاء التضامن اللامحدود واللامشروط مع الشعوب المضطهدة والقضايا العادلة، وبصفة خاصة مع الشعب الصحراوي، وقال إن " هذا التضامن الذي طالما تميزت به الجزائر في دعمها ومناصرتها، نهارا جهارا وعلى رؤوس الأشهاد، لا تخشى في الحق لومة لائم، في الماضي كما في الحاضر، لكل قضايا التحرر من ربقة الاستعمار والطغيان"، مضيفا أن هذا الدعم " في انسجام كامل مع ميثاق وقرارات الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي، مشيدا بموقف الجزائر المبدئي المشرف اتجاه القضية الصحراوية إلى جانب الحق والقانون، بما يحفظ السلم والاستقرار في المنطقة والعالم.