ينتظر العرب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موقفه النهائي من مسألة نقل السفارة الأمريكية لدى إسرائيل إلى القدس، وكأن فلسطين لن تصبح محتلة إلا بنقل السفارة، أو كأن الولاياتالمتحدة ستفقد حيادها بنقل السفارة أيضا. تحتل إسرائيل الأراضي الفلسطينية، والجولان السوري، ومزارع شبعا اللبنانية منذ خمسين عاما، وأعلنت رسميا ضم الجولان السوري منذ عقود ولم يعترض أحد، تقول الأممالمتحدة، والقوى الكبرى، وأمريكا وأوروبا على رأسها، أن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية غير شرعي، وأن ضم الجولان غير قانوني، لكن لا شيء تغير، اجتاحت إسرائيل لبنان مرتين، وبقيت تحتل جنوبه إلى أن طردت بقوة السلاح المقاوم، ولم يكن لأمريكا وما يسمى المجتمع الدولي أي فضل في تحرير ذرة تراب احتلتها إسرائيل، ولا تزال تل أبيب تحتل الجولان وتستغل ماءه، وتزرع فيه أجهزة الرقابة والرصد والتنصت، وهي ترفض قطعا الحديث عن إعادته إلى سوريا اليوم أو غدا، وضغطت أمريكا وحلفاؤها دوما على دمشق من أجل التنازل عن هذا الشرط للتوصل إلى اتفاق تسوية مع إسرائيل. يقول الإسرائيليون، من اليمين إلى اليسار، إن القدس هي العاصمة الموحدة والأبدية لإسرائيل، ولما توفي ياسر عرفات وأرادت السلطة أن تدفنها هناك تنفيذا لرغبته رد مجرم الحرب شارون بالقول إن القدس التي دفن فيها اليهود ملوكهم لا يمكن أن تضم قبر إرهابي، وكانت مشيئة شارون، ونسي من خلف عرفات على رأس سلطة التنسيق الأمني مع إسرائيل كل شيء وعادوا يتحسسون من مجرمي الحرب الصهاينة أي إشارة للعودة إلى طاولة المفاوضات. ضاعت القدس عندما قرر المقاوم أن يمارس السلطة ضمن دولة افتراضية، أما نقل السفارة الأمريكية فلن يكون إلا مساهمة في إنهاء الوهم بوجود دور أمريكي يمكن أن يساهم في استعادة الفلسطينيين الحد الأدنى من حقوقهم، فإن تجرأ ترامب وفعلها سيسجل له التاريخ هذه المأثرة التي قد تدفع الفلسطينيين والعرب إلى الاستفاقة من نومهم للأخذ بأسباب التحرير.