اعتبر رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات عبد الوهاب دربال، أمس، أن الصلاحيات التي تتمتع بها ضمانات لتنظيم انتخابات نظيفة وشفافة ، وأكد أن السلطات العليا في البلاد ترغب في مواصلة مسار الإصلاحات التي باشرتها الجزائر في السنوات الأخيرة وإضفاء المزيد من الشفافية في تسيير الشأن العام، ملتزما بتنظيم انتخابات نظيفة في كنف الهدوء واحترام قوانين الجمهورية. أكد رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات عبد الوهاب دربال خلال الجلسة التأسيسية، بقصر الأمم بنادي الصنوبر، بالعاصمة، أن تأسيس الهيئة، ثمرة طبيعية ونقلة حضارية تجسد طموحات الشعب الجزائري، ليضيف أنها مرحلة جديدة تتسم بتثمين الفعل السياسي الجاد وتكريس حق الشعب في اختيار من يمثله بإرادة حرة، ضمن تطور دستوري هادئ. وذكر دربال بآثار المأساة الوطنية، التي قال عنها إنها "كادت تعصف بالبلاد ، وهددت وحدتها بالانقسام وهويتها بالانتقاص واقتصادها بالتبعية وتماسكها الاجتماعي بالتفرقة والتشرذم"، وأبرز دور رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة لإرساء الوئام والمصالحة، مضيفا أن هذا المسعى أسهم في بدء "مسيرة التنمية والبناء"واسترجاع "البلاد المكانة اللائقة بها في المحافل الدولية على المستويين الإقليمي والدولي". وأشار المتحدث إلى ورشات الإصلاح التي مست العدالة والتعليم وإدارة الشأن العام لتتوج بإصلاحات سياسية دستورية عميقة، مؤكدا أن ميلاد الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات تعد من ثمار هذه الإصلاحات. واعتبر دربال الهيئة إطارا دستوريا وصمام أمان لتثمين الفعل الانتخابي وحماية حق الاختيار، فضلا عن مراقبة عمليات الاقتراع بما يوفر للمواطن مناخا يساعده ويشجعه على اختيار ما يراه مناسبا لتمثيله بكل حرية. في السياق ذاته، أبرز المتحدث أهمية هذه الهيئة التي تستمد شرعيتها وقوتها ومصداقيتها حسب قوله من الدستور، سيما المادة 194، مضيفا إنها إطارا سياسيا وقانونيا الأمثل لضمان شفافية ونزاهة الانتخابات وتامين خيار الناخب. وعن تشكيلة الهيئة، أوضح دربال أن وجود 410 عضوا مناصفة بين القضاة وكفاءات مستقلة من المجتمع المدني من تعيين رئيس الجمهورية، سيعطي لامحالة قوة وفعالية وحصانة وثراء للهيئة التي تتميز تركيبتها بتعدد الاختصاصات والمؤهلات وتنوع الكفاءات المنتسبة لها، مؤكدا أن حيادية الهيئة من حيث استقلاليتها القانونية والمالية ، وعدم انتماء أعضائها لأي حزب سياسي وعدم ممارستهم لأي نشاط تنظمه الأحزاب أو حضوره، يجسد بالتأكيد استقلالية الهيئة وممارستها لمهامها بمنأى عن كل أشكال الضغط المعنوي والمادي. ويرى المتحدث أن صلاحيات الهيئة العليا المخولة لها قانونا والتي تتمتع بها وتمارسها قبل وخلال وبعد الاقتراع بواسطة مداوماتها المنتشرة عبر ولايات الوطن وحسب الحالة في الخارج، مؤشرات ودلائل وضمانات لتنظيم انتخابات نظيفة وشفافة لا يرقى الشك إلى نتائجها، معتبرا ذلك هدفا نبيلا وغاية جليلة، وأساسا للاستقرار الاجتماعي ومن تم لتنمية واعدة ومستدامة. وأكد دربال أن حرص رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة من أجل توفير المناخ الملائم وكافة الشروط المادية والمعنوية والقانونية للهيئة يؤكد رغبة السلطات العليا في البلاد مواصلة مسار الإصلاحات التي باشرتها الجزائر على أكثر من صعيد في السنوات الأخيرة وكذا إضفاء المزيد من الشفافية في تسيير الشأن العام. وتعهد دربال بالقيام بالمهمة التي كلفه بها رئيس الجمهورية على أكمل وجه، حيث قال إن" الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات لن تتوانى في القيام بواجبها تجاه الشعب الجزائري، وستعمل على زرع الأمل في نفوس الجزائريين من أجل تعميق الثقة بين الحاكم والمحكوم من خلال صيانة خيار المواطن وحماية إرادته وتكريس حقه في حرية الاختيار، سيما إذا تعلق الأمر باختيار من يمثله ويتولى شؤون حياته المختلفة"، ملتزما بتنظيم انتخابات نظيفة في كنف الهدوء واحترام قوانين الجمهورية. وأوضح المتحدث أن الهيئة جاءت استجابة لمتطلبات المرحلة التي تمر بها الجزائر ومحيطها الإقليمي والدولي، معتبرا "حماية صوت الناخب ينعكس إيجابا على حركية البناء والدفاع عن منجزات البلاد"، مضيفا أن "هذا يعني الانتقال بالجزائر إلى مرحلة جديدة تقوم على احترام صوت المواطن بما يخدم مصلحة البلاد ويساعد على تكريس تعددية سياسية حقيقية". ودعا دربال إلى ضرورة التجند التام لتحقيق هدف الهيئة في المساهمة في إنجاح المواعيد الانتخابية بشكل فعال وهادئ ومسؤول، مشيرا إلى أن الهيئة لا تستطيع وحدها تحقيق هدفها دون عمل متناغم مع الجهات الأخرى لمحاصرة أي سلوك يمس بسلامة العملية الانتخابية. ورهن رئيس الهيئة نجاح أي موعد انتخابي بمدى مشاركة المواطن وقال إن "المشاركة رهينة هي الأخرى باقتناع الناخب بحماية صوته"، مضيفا أن "تحقيق كل ذلك يعني النجاح في تنظيم انتخابات شفافة ونظيفة". واعتبر دربال تحسيس كافة الجزائريين بأهمية الاستمرار في تحسين أوضاع البلاد من خلال انتخابات نزيهة، أولوية وطنية، باعتبار المواطن هو السيد وجوهر كل جهد سياسي أو اجتماعي أو ثقافي على حد قوله. وأكد رئيس الهيئة أن الانتخابات لدى كل الأمم التي تؤمن بأنها الوسيلة السلمية والديمقراطية والحضارية المثلى لإحداث أي تغيير أو انتقال للسلطة، هي تتويج لعملية حضارية كبرى تقوم على تثمين وتفعيل ومباركة صوت المواطن لتكريس ما تسميه دساتير اليوم، سيادة الشعب، قائلا "لا سيادة دون حماية صوت المواطن ومباركته" . وفي السياق ذاته، أوضح دربال أن حماية الحرية الفردية والجماعية في شقها الانتخابي غاية سامية يعمل لها كل الشرفاء ويناضل من اجلها الوطنيون، وربط ذلك بمستوى الوعي السياسي والثقافي والتطور الاجتماعي.