تخوض الإعلامية التونسية الشابة وحيدة ألمي تجربتها الروائية الأولى بكل ثقة لتروي أحداث اجتماعية من صميم المجتمع تفوقت على كل الهواجس و المكبوتات التي قد تناءى العديد في البوح بها ، تقدمها للقارئ بلغة شعرية متناغمة تحمل عبارات دقيقة تصور شخصية بطلتها" نوة" التي تحمل عنوان باكورتها الروائية الجديدة التي توجت من خلالها بجائزة الإبداع الأدبي باللغة العربية لجوائز زبيدة بشير للكتابات النسائية في تونس. تدور أحداث رواية "نوة " الصادرة ضمن منشورات الشركة التونسية للنشر و تنمية فنون الرسم حول فتاة تدعى نوة ،شابة طموحة تُمارس حقها في الحلم و النرجسية دار بها الزمن لتصبح عار على بنات حواء لعنة ظلت تطاردها سنوات ،امرأة الفكر و الإبداع تتبدد فيها الأحلام ليلا لتتحول إلى كوبوس تضرب مواعيدها مع الليالي الماجنة حتى الفجر أنثى تتسلى عن قيد الرذيلة كل ليلة منذ أن غادرها نوار... القارىء قد يتعاطف تارة مع "نوة" وويلعنها تارة أخرى ، ويمقت أنانية الرجل و نفاق المجتمع. وينحني امام شجاعتها وهي تتصدى لأوجاع روحها.أوجاع قادتها إلى انتقام مجنون من جلادها. تعكس الراوية الكثير من القيم كالعائلة ،العادات و التقاليد ، الحب ،القدر، رغم أنها تفضح حقيقة يعاني منها كل المجتمعات وهي زينة المحارم ، تمنح لنا الكاتبة جرعة من ماسي أي فتاة أو امرأة تبحث عن ذاتها في مجتمع دكوري و أناني . رواية نوة ليست فقط رواية مثيرة ومشوقة فهي رحلة ممتعة بين مدن تونس على وقع لغة إعلامية شاعرة وأسلوب يحمل الكثير من التدقيق الذي يجعل القارىء يعيش أحدثها وينغمس في حيثياتها على شكلية روايات شارلوت برانت وبسرد متسلسل ومشوق يجعل من الرواية انطلاقة نحو أعمال رواية أخرى مميزة. الشخصيات في الرواية على قلتها كانت متناسقة لترسم لبنة الدراما البطلة نوة و البطل نوار والشخصيات الداعمة التي كانت نامية بشكل راعى حبكة الرواية كما لجأت الكاتبة إلى الموروثات و التقاليد و الديكور الطبيعي لمسقط رأس نوة التي تفوح بعبق اشجار الزيتون ، مظاهرهذه الحياة في أيام الطفولة التي يحن لها كل شخص انتصرت في النهائية المفتوحة ... استجابت وحيدة المي في " نوة" لمعايير الرواية من حيث البناء السردي اللغة الشاعرية أضفت عليها رونقا يجعلها أن تكون نصا مسرحيا أو حتى سيناريو لفيلما دراميا قد يسيل الكثير من الدموع خاصة لدى الجنس اللطيف التركيب السردي و لغة الحوار يجعل القارئ يتلهم محتوى صفحات الرواية للوصول إلى النهاية لمعرفة مصير نوة التعليق الشخصي للكاتبة يجعلنا نعيش أحداث الرواية بأبعادها الكاملة زمانا ومكانا ونشعر بآهات نوة في كل حالاتها. جاءت "نوة " في طبعة أنيقة من الحجم المتوسط في 138صفحة يتوسط غلافها لوحة تجريدية للرسام حسين المصدق ، وصدرت عن الشركة التونسية للنشر وتنمية فنون الرسم، توجت من خلالها الصحفية بدار الأنوار وحيدة المي، بجائزة الشاعرة زبيدة بشير للإبداع الأدبي لسنة 2016 التي يسندها مركز البحوث و الدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة " كريديف " و تحصلت وحيدة ألمي على هذه الجائرة بعد ان اعتبرت لجنة التحكيم رواية " نوة " من أفضل الروايات التي صدرت في السنوات العشر الأخيرة. واعتبر رئيس لجنة التحكيم الدكتور مبروك المناعي رواية "نوّة" أنموذج كتابة نسائية ذات قيمة تمثيلية نوعية وتتميز بتماسك البناء السردي وعمق تناولها للشخصية من الناحية الفنية فضلا عن اعتمادها أسلوبا مشوقا و عبارة جمعت بين سلامة الأداء وقوّة الإيحاء. وتكرم الكريديف الكفاءات العلمية المتميزة بمناسبة الإحتفال باليوم العالمي للمرأة إعترافا بمساهمتهم الفعالة في مختلف أنشطته وتثمينا لمسيرتهم العلمية.