عاد الحراك النقابي بقوة بعد الانتخابات المحلية، بحيث شهد الأسبوع الجاري عدة احتجاجات شملت مختلف القطاعات، ناهيك عن تهديد نقابات أخرى بالتصعيد خلال الأيام المقبلة..احتجاجات تأتي بسبب عدم استجابة السلطات الرسمية، كل في قطاعه، للمطالب العٌُمالية التي أصبحت تتمحور في مجملها حول القدرة الشرائية التي تراجعت بشكل فاضح خلال الثلاث سنوات الأخيرة جراء انخفاض أسعار النفط وإقرار الحكومة لضرائب وزيادات على بعض المواد الاستهلاكية الأساسية. الاحتجاجات عادت بعد هدنة قصيرة دخلت فيها جل النقابات قبل بضعة أيام عن الانتخابات المحلية المنظمة يوم الخميس الماضي، كموقف منها، من جهة، ولتفادي أي تأويلات مفادها أن هذه التنظيمات تُمارس الضغط على الحكومة في ظرف غير مناسب. ومن بين أهم الاحتجاجات التي شهدها الأسبوع الجاري، الاعتصام الذي نظمه يوم السبت الأخير، أي بعد يومين فقط عن المحليات، التكتل النقابي الذي يضم 15 نقابة مستقلة، والذي مُنع من قبل مصالح الأمن، وهو ما أثار حفيظة النقابات المُشاركة فيه وجعلها توجه انتقادات لاذعة للطريقة التي اختارت الحكومة مواجهتها بها، بدل فتح مجال الحوار التزاما للوعود التي قدمتها شهر جانفي الماضي عبر وزارة العمل التي نظمت لقاء جمع مختلف التنظيمات النقابية وتعهدت بفتح صفحة جديدة في مجال الحوار الاجتماعي، وهو ما لم يتجسد ميدانيا، ويُنتظر أن يفصل التكتل النقابي خلال الساعات المقبلة في طريقة الاحتجاج القادم. الحركة الاحتجاجية الأخرى، قام بها عمال شركة، طاسيلي للطيران، مع بداية الأسبوع الجاري، وكانت مُفاجئة وتسببت في خلق اضطراب كبير في حركة المُسافرين وتمحورت مطالب العُمال حول تحسين الأجور، نفس الشيء يقوم به منذ أمس الأطباء المُقيمون الذين عادوا إلى مسار الاحتجاج بعد هدنة نسبية سبقت المحليات، لكن دون إيجاد استجابة من قبل الوصاية لغاية الآن، موازاة مع ذلك لا يزال إضراب طلبة المدارس العُليا للأساتذة يُواصلون إضرابهم مُطالبين وزارة التربية بضرورة توفير مناصب شغل مضمونة بعد تخرجهم، مثلما تم الاتفاق عليه في البداية. وإذا كانت النقابات المذكورة قد جسدت احتجاجاتها في الأسبوع الأول بعد الانتخابات المحلية، فإن عديد النقابات الأخرى لجأت إلى التهديد بالتصعيد خلال الأيام القليلة المقبلة وأعلنت عن ارتقاب عقد جمعيات عامة أو مجالس وطنية لإقرار ذلك بشكل رسمي، وهو حال اللجنة الوطنية لموظفي المصالح الاقتصادية المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، أونباف، التي أعلنت عن جمعية عامة ستعقدها يوم السبت المقبل المُصادف ل 2 ديسمبر الداخل تُخصص أساسا لفتح النقاش والمُصادقة على الخطوة الاحتجاجية المقبلة، نفس الشيء بالنسبة للجنة الوطنية لمساعدي ومشرفي التربية وكذا مستشاري التربية، إضافة إلى عمال الجماعات المحلية وعمال السكك الحيدية. وتتمحور جل المطالب التي ترفعها التنظيمات النقابية المُحتجة بمختلف قطاعاتها حول ملف القدرة الشرائية في عمومه، عبر المُطالبة برفع الأجور أو الزيادة في نسبة المنح والتعويضات أو تعديل القوانين الأساسية الخاصة التي تُؤدي بدورها إلى تعديل التصنيف والترقية، ومنه، الاستفادة بشكل آلي من زيادة ولو طفيفة في الأجر الشهري. وتُدرك الحكومة دون شك بأن تململ الجبهة الاجتماعية سيعرف مسارا تصاعديا خلال قادم الأيام موازاة مع الضغط الاقتصادي الذي تعرفه البلاد جراء تراجع أسعار النفط وانخفاض قيمة الدينار وتراجع القدرة الشرائية وغيرها من الآثار السلبية الناتجة عن ذلك، ناهيك عن الزيادات في أسعار عديد المواد الاستهلاكية والخدماتية على خلفية ما تضمنه مشروع قانون المالية المُصادق عليه بالأغلبية من قبل نواب المجلس الشعبي الوطني.