رغم أن وزارة الصحة أقرّت عبر الندوة الوطنية ل »سياسة الصحة وإصلاح المستشفيات«، المنعقدة من 3 إلى 5 فيفري بالعاصمة إشراك كل شرائح القواعد العمالية بالقطاع في مناقشة وإثراء مشروع قانون الصحة، عبر ندوات ولائية، أعلن وزير الصحة عن مباشرتها هذا الأسبوع، وعلى أن تُجمع مقترحات هذه الندوات الولائية مع المقترحات التي سجلتها الندوة الوطنية، وتقديمها لندوة وطنية أخرى، إلا أن النقابات المنسحبة من هذه الأخيرة قابلت هذا الطرح بالرفض. مع أن الندوة الأولى ل »سياسة الصحة وإصلاح المستشفيات« أقرّت أول أمس أن وثيقة قانون الصحة أعدتها الندوة الوطنية الأولى في صورة أرضية نظرية، ستُحال على ندوات ولائية، من أجل المزيد من النقاش والإثراء، وتقديم المقترحات اللازمة، التي ستُحال هي الأخرى على ندوة وطنية تُعقد قريبا، إلا أن نقابات الصحة التي كانت انسحبت من أشغال الندوة الوطنية قابلت هذا الطرح الجديد بالرفض. ويُستشف ذلك من التصريح المقتضب، الذي أدلى به أمس الدكتور الياس مرابط، رئيس نقابة ممارسي الصحة العمومية، حيث قال ل »صوت الأحرار«: نُطالع بما أُعلن عنه، ونحن نعلم أن قانون الصحة قُدّم إلى أعلى السلطات، ولنا نسخة منه تسلمناها بطرق خاصة، والآن يُراد له أن يُناقش على مستوى الولايات، وكان من الواجب لو توفرت النيّة الحسنة أن يُناقش على مستوى الممثلين لعمال القطاع، من الشركاء الاجتماعيين والممثلين الآخرين، وكنا مثلما يضيف مرابط قبل هذا اجتمعنا مع الوزير، وطلبنا منه أن يمنحنا المشروع المُعدّ لقانون الصحة، ولكن هذا لم يحصل، وفضّل السير معنا في سياق آخر. وبناء على هذا نقول، ما فحوى هذه الندوات الوطنية التي يتحدث عنها، إذا كان مشروع قانون الصحة في حدّ ذاته قد سُلّم للجهات العليا قبل انعقاد الندوة الوطنية الأولى«. وما تحدث عنه مرابط، كان تحدث عنه البروفيسور جيجلي، رئيس النقابة الوطنية لأساتذة العلوم الطبية، حين كشف في الندوة الصحفية التي نشطها أول أمس مع الدكتور مرابط، والدكتور يوسفي، والدكتور بركاني محمد بيقاط، رئيس مجلس أخلاقيات الطب عقب انسحابهم من أشغال الندوة، أن نقابته تحصلت بطرقها الخاصة على نسخة من مشروع قانون الصحة، وأن من سلّمها هذه النسخة طلب من قيادة النقابة التستّر على الأمر. وقال جيجلي: أن مذكرة المشروع تتضمن الكثير من الجوانب السلبية، وغير المتوافقة ولا المستجيبة لتطلعات وطموحات عمال وموظفي القطاع، والصحة عموما. وكان هو وزملاؤه يتمنون لو أن الوصاية مكّنت شرائح القطاع من مناقشة هذا المشروع بشكل علني، قبل أن تُحيله بشكل مفاجيء على الندوة الوطنية الأولى من أجل إقراره. وما يُمكن استخلاصه من آخر التصريحات النقابية الخارجة عن إجماع الندوة الوطنية، أن النقابات المستقلة متخوفة من أن تكون النقاشات والإثراءات التي ستتمّ على مستوى الولايات، تحت إشراف مديريات القطاع مُوجهة ومُتحكم فيها، ولن تُفضي إلى ما يرغب فيه عمال القطاع، والمواطنون عموما، فهم من الآن يعتقدون أن طرح النقاش والإثراء بهذه الصفة هو في حد ذاته تهميش وتجاهل للدور التوجيهي القيادي للنقابات. وإذا كان هذا هو التفسير الذي تقدمه النقابات بخصوص ما أقرته الندوة الوطنية الأولى، فإن وزارة الصحة ترى أن لا حلّ لها في التعامل مع هذا الموضوع، إلا بهذه الطريقة، خصوصا بعد انسحاب هذه النقابات التي كان من المفروض أن تناقش الموضوع مع بقية الشركاء داخل الندوة وليس خارجها.