توفي أول أمس، سعد الدين الشاذلي رئيس أركان الجيش المصري السابق المسمى »بطل العبور«، عن عمر يناهز 88 عاما بعد معاناة طويلة مع المرض، حيث عاش قائد القوات المسلحة المصرية الأسبق 14 سنة كاملة في منفاه الاختياري بالجزائر لغاية 1992، كما شغل الفريق الشاذلي منصب سفير بعدة دول عربية وغربية. حظي الفريق سعد الدين الشاذلى الذي هو من مواليد المحافظة الغربية عام 1922، وشغل منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة خلال الفترة من 16 ماي عام 1971 إلى 13 ديسمبر عام 1973، بشهرته لأول مرة في عام 1941 عندما كانت القوات المصرية والبريطانية تواجه القوات الألمانية في الصحراء العربية، خلال الحرب العالمية الثانية وعندما صدرت الأوامر للقوات المصرية والبريطانية بالانسحاب، بقى الملازم الشاذلي ليدمر المعدات المتبقية في وجه القوات الألمانية المتقدمة. وأثبت الشاذلي نفسه مرة أخرى في نكسة 1967 عندما كان يقود وحدة من القوات المصرية الخاصة المعروفة بمجموعة الشاذلي في مهمة لحراسة وسط سيناء ووسط أسوأ هزيمة شهدها الجيش المصري في العصر الحديث وانقطاع الاتصالات مع القيادة المصرية وكنتيجة لفقدان الاتصال بين الشاذلي وبين قيادة الجيش في سيناء، فقد اتخذ الشاذلي قرارا جريئا، فعبر بقواته الحدود الدولية قبل غروب يوم 5 يونيو، وتمركز بقواته داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة بحوالي خمسة كيلومترات، وبقي هناك يومين إلي أن تم الاتصال بالقيادة العامة المصرية التي أصدرت إليه الأوامر بالانسحاب فورا. واستجاب لتلك الأوامر وبدأ انسحابه ليلا وقبل غروب يوم 8 يونيو في ظروف غاية في الصعوبة، باعتباره كان يسير في أرض يسيطر العدو تمامًا عليها، ومن دون أي دعم جوي، وبالحدود الدنيا من المؤن، واستطاع بحرفية نادرة أن يقطع أراضي سيناء كاملة من الشرق إلى الشط الغربي لقناة السويس، ونجح في العودة بقواته ومعداته إلي الجيش المصري سالما، وتفادى النيران الإسرائيلية، وتكبد خسائر بنسبة 10% إلى 20%. واكتسب بعد هذه الحادثه سمعة كبيرة في صفوف الجيش المصري، فتم تعيينه قائدًا للقوات الخاصة والصاعقة والمظلات، وقد كانت أول وآخر مرة في التاريخ المصري يتم فيها ضم قوات المظلات وقوات الصاعقة إلى قوة موحدة هي القوات الخاصة، وكان الشاذلي أحد قادة »حرب أكتوبر« وشارك بدور رئيسي في التخطيط لها والإشراف على معاركها، حيث تولى قيادة أول فرقة قوات مظلية في مصر في الفترة من عام 1954 إلى عام 1959، تم تعيينه رئيساً لأركان القوات المسلحة، وكلف بعدها بتولي قيادة القوات العربية الموحدة في الكونغو كجزء من قوات الأممالمتحدة في عامي 1960 و1961. في 16 مايو 1971، وبعد يوم واحد من إطاحة الرئيس السادات بأقطاب النظام الناصري، فيما سماه بثورة التصحيح عين الشاذلي رئيسًا للأركان بالقوات المسلحة المصرية، باعتبار أنه لم يكن يدين بالولاء إلا لشرف الجندية، فلم يكن محسوبًا على أي من المتصارعين على الساحة السياسية المصرية آنذاك. وبعد تركه الخدمة بالقوات المسلحة عين الفريق سعد الدين الشاذلى سفيرا لمصر فى بريطانيا من 74 إلى 1975، ثم سفيرا لمصر لدى البرتغال 75 – 1978، قبل أن يختار منفاه الاختياري خارج مصر، واستقر بالجزائر لمدة 14 سنة، ثم عاد لمصر عام 1992 هذا وألف سعد الدين الشاذلي عدة كتب من بينها »حرب أكتوبر«، و»الخيار العسكري العربي«،و»الحرب الصليبية الثامنة«، و»أربع سنوات في السلك الدبلوماسية«.