باستثناء كتلة الجبهة الوطنية الجزائرية التي أعلنت تبرؤها من مشروع قانون البلدية، فإن بقية المجموعات البرلمانية، خارج أحزاب التحالف الرئاسي، أكدت أنه كان من الأولى إدراج قانون الانتخابات في سلم أولويات الإصلاح مثلما ذهب إليه رئيس المجموعة البرلمانية لحزب العمال، وهو ما وافقه عليه رئيس كتلة »الأحرار«. على نقيض ما صرّح به رئيس الجبهة الوطنية في عدة مناسبات، والتي أكد فيها تعليق نشاطات المجموعة البرلمانية ل »الأفانا« بالمجلس الشعبي الوطني، تدخّل رئيس الكتلة عبد القادر دريهم في خرجة رفض أن يعتبرها هو شخصيا رفعا للتعليق وإنما »تبرئة للذمة أمام الشعب الجزائري«، وقال في أوّلى مداخلات آخر جلسات مناقشة مشروع قانون البلدية إن »الأفانا« لا تزال موقفها إلى حين الفصل في هذا المشروع بشكل نهائي، لكن رئيس المجلس عبد العزيز زياري علّق عليه قائلا: »إن حضوركم اليوم يعني أنّكم شاركتم في المناقشة«. وعلى هذا الأساس أوضح دريهم أن الجبهة الوطنية الجزائرية »غير مقتنعة بمضمون المشروع«، وذهب إلى حد اعتباره بمثابة »مصادرة لسيادة الشعب وصلاحيات منتخبيه«، مستدلا ب »الكم الهائل من التعديلات التي اقترحت عليه«، وبرأيه فإن هذا النص »يمس بجوهر الدستور في مادته السادسة التي تنصّ على أن الشعب هو مصدر كل سلطة..«، واصفا الوضعية الحالية للمنتخبين ب»المزرية«. وأضاف المتحدث أن المنتخبين يرون بأن الصلاحيات المسندة إليهم أصبحت تُسحب بنصوص تنظيمية، وقدّر أن هذا الوضع الذي يكرسه قانون البلدية لا يختلف كثيرا عن الوضعية التي يعيشها نواب البرلمان من خلال »الاستخفاف الذي تستقبل به الأسئلة الكتابية والشفوية، فالإجابة عليها عادة ما تأتي بعد فوات الأوان..«، متسائلا عن مآل العديد من المشاريع التي تقدّم بها النواب على شاكلة مشروع قانون تجريم الاستعمار. أما رئيس المجموعة البرلمانية لحزب العمال، رمضان تعزيبت، فإنه تعامل مع مشروع قانون البلدية في إطار أوسع عندما أكد أنه »كان من المفروض أن يوضع في إطار شامل يتجاوب مع الوضع السياسي الراهن، بمعنى آخر في إطار التجديد السياسي الذي يفرضه الواقع المعاش والتطلعات العميقة للشعب«، معلنا أن الكتلة تقدّمت ب 51 مقترح تعديل على القانون. وفي وقت أعاب فيه تعزيبت إعطاء الأولية لقانون البلدية بدل مراجعة قانون الانتخابات، تفرّغ للمرافعة من أجل إقرار »إصلاحات سياسية يبدأ بإعادة الكلمة للشعب في انتخاب مجلس تأسيسي سيد وعن طريقه يمارس الشعب سيادته في اختيار شكل ومضمون المؤسسات التي هو في حاجة إليها«، معتبرا البرلمان الحالي وليد أزمات وأنه ليست له الصلاحيات التي تكفل له تعديل الدستور الذي قال إنه »لا يُمكن أن يكون إلا بعد نقاش وطني جاد تشارك فيه القوى الحية والشعب برمته..«. ويكشف موقف كتلة حزب العمال أن الوضع الراهن في الجزائر يتطلب إطلاق مبادرة سياسية »لأننا أما خيار الإصلاح الشامل.. أو ترك المبادرة للمخططات الآتية من الخارج«، مشدّدا على أن »الحد الأدنى بالنسبة لنا أمام هذا الوضع هو استدعاء انتخابات تشريعية مبكرة كمرحلة أولى في الإصلاح السياسي، ثم الانتخابات المحلية وفتح نقاش واسع حول تعديل الدستور«، ورافع من جانب آخر لتحسين الوضع الاجتماعي للمنتخبين وتعزيز صلاحيات للسماح للبلديات بلعب دورها ويكون هؤلاء في مستوى مسؤولياتهم. إلى ذلك أكد رئيس كتلة النواب »الأحرار«، عماد جعفري، ضرورة دعم صلاحيات المنتخبين بشكل يحدّ من تدخل الإدارة في مهامهم تجنبا للصراعات، مطالبا بدوره بمراجعة النصوص الناظمة للعلاقات بين الإدارة والمنتخبين، وقال في هذا السياق »نحن ندعم كل الاقتراحات التي تُنهي احتكار الإدارة«، فيما أشار إلى وجوب وضع نظام منح وعلاوات يُعيد الاعتبار للمنتخب المحلي.