تبدأ اليوم في باريس قمة يوم واحد لقادة أكثر من أربعين دولة من الاتحاد الأوروبي والبحر المتوسط, في إطار مشروع اتحاد من أجل المتوسط أطلقه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. ويريد ساركوزي القمة -التي تأتي عشية العيد الوطني الفرنسي- نجاحا دبلوماسيا له, لكن المشروع يولد نسخة غير أصلية لفكرة كانت تريد جمع خمس دول من الاتحاد الأوروبي تطل على المتوسط, بدول الحوضين الجنوبي والشرقي لهذا البحر. وواجهت المشروع منذ بدايته متاعب داخل الاتحاد الأوروبي نفسه, فألمانيا لم تستسغ عدم استشارتها, وتخشى تداخل مشاريع الاتحاد الجديد مع مشاريع الاتحاد الأوروبي بشكل يستنزف موارد التكتل الأوروبي لتمويل الطموحات الفرنسية. مشاريع كبرى أعلنها ساركوزي كبنك استثمار متوسطي ولقاءات وزارية على طريقة الاتحاد الأوروبي تركت المجال لحفنة مشاريع كتنظيف مياه البحر وتطوير الطاقة الشمسية. أما خارج الاتحاد الأوروبي فتخشى دول عربية كالجزائر أن يكون المشروع بوابة تطبيع مع إسرائيل. وكانت ليبيا الدولة العربية الوحيدة التي حسمت موقفها من البداية, وقررت عدم الانخراط في المشروع. أما تركيا فقالت إن رئيس وزرائها سيحضر القمة "إن استطاع", رغم امتعاضها من مشروع تريده فرنسا أن ينسيها آمال الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وينتظر أن تتوجه الأنظار إلى الحضور السوري والإسرائيلي حيث لا يستبعد أن تحدث خطوة دبلوماسية إضافية بين قادة البلدين اللذين سيجلسان حول طاولة واحدة. وقال ناطق باسم الخارجية الإسرائيلية "كما الحال مع كل لقاء دولي, نأمل أن يوفر فرصة لقاءات مباشرة" مع القادة العرب. وقال مساعد لساركوزي إن بشار الأسد وإيهود أولمرت قد يلتقيان على هامش القمة, لكن مراقبين يرون الأمر مستبعدا. واعتبر مدير وزارة الخارجية الإسرائيلية الأسبق ألون لييل أن مجرد مصافحة بين الرجلين ستكون حدثا مثيرا. ويحاول القادة العرب أن يدرجوا في مسودة إعلان نهائي دعوة إلى شرق أوسط خال من أسلحة الدمار الشامل, وهي أسلحة يعتقد أن إسرائيل هي الوحيدة التي تملكها في المنطقة. ودعا وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي إلى توضيح تبعات وجود إسرائيل في اتحادٍ "يجب أن لا يطبع العلاقات بين الدول العربية وبين إسرائيل, وهو ما فشل فيه مسار برشلونة", ليضيف أن الدول التي ليس لها علاقات مع إسرائيل "يجب أن لا يفرض عليها أن تكون جزءا من مشاريع مشتركة" في الاتحاد المتوسطي. أشياء أخرى تبقى غامضة كطريقة تدوير رئاسة الاتحاد ومقره, فقد اقترحت فرنساتونس, لكن سجلها الحقوقي أثار اعتراضات. وانتقدت منظمة العفو الدولية الاتحاد الجديد, وقالت إنه يضحي بحقوق الإنسان لصالح الأعمال. ودعت في رسالة إلى ساركوزي -الذي ترأس بلاده الاتحاد الأوروبي- إلى تأكيد الالتزام الأوروبي بمبادئ حقوق الإنسان التي تحكم العلاقات الخارجية للتكتل الأوروبي. وقال خبير المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية دومينيك مويسي إن "جمع هذا الحشد الضخم إنجاز في حد ذاته.. لكن هناك مخاوف من أن النتائج ستكون هزيلة للغاية"، وذلك في اتحاد يرى باحث مركز دراسات السياسات الأوروبية في بروكسل مايكل إيمرسون أنه صمم وعرض بشكل سيئ و"المادة السياسية فيه غامضة لدرجة تكاد تكون منعدمة".