بعد شهور من الحديث عن ثورة الشارع في سوريا انتقلنا الآن إلى الحديث عن معارك واشتباكات مسلحة، والسيناريو الذي يفرض نفسه اليوم هو ذلك الذي تم تنفيذه في ليبيا، مع فارق مهم للغاية هو أن سوريا لها تركيبة قابلة للانفجار واللجوء إلى السلاح سيفتح الباب أمام حرب أهلية مدمرة لا تبقي ولا تذر. سخر المعارضون للنظام السوري، ومن يدعمهم في الشرق والغرب من حديث السلطات في دمشق عن وجود جماعات مسلحة تهاجم الجيش وقوات الأمن وتروع المواطنين، ولفترة طويلة ظل هؤلاء الساخرون يطالبون النظام بإظهار هذه الجماعات المسلحة والعناصر التي تنشط تحت لوائها، لكن ودون سابق إنذار ظهر الجيش السوري الحر الذي أصبح يقاتل الجيش السوري، ولم تعد وسائل الإعلام العربية والغربية تجد حرجا في نقل الأخبار التي تتحدث عن مقتل عشرات من قوات الأمن والجيش على أيدي هؤلاء الذين يسمون أنفسهم مقاتلين من أجل الحرية. بعد حين سيصبح الجيش السوري مجرد قوات موالية للأسد في خطاب وسائل الإعلام الثورية، مثلما أصبح الجيش الليبي يدعى كتائب القذافي، وكما تم تحويل الجيش اليمني إلى قوات موالية لعلي عبد الله صالح، وعندما يوضع جيش سوريا في هذا الموقف فإن النتيجة ستكون قتالا بلا نهاية، يدمر الوطن ويفكك المجتمع ويفتح أبواب التدخل أمام الأجنبي، ولا يهم هنا من يتحمل مسؤولية جلب التدخل الأجنبي لأن النتيجة ستكون واحدة. يبدو أن الثورة التي تسوقها أمريكا في بعض البلاد العربية ستنتهي إلى تعميم الكارثة العراقية، فهناك تعمد الاحتلال الأمريكي حل الجيش لإنهاء وجود الدولة، وفي سوريا اليوم يجري التحضير لوضع مماثل، خاصة وأن التجربة قد نجحت إلى حد ما في ليبيا، وسيكون إعادة العرب إلى عصر ما قبل الدولة أفضل طريقة لتكريس هيمنة إسرائيل التي لن تصبح فقط الديمقراطية الوحيدة في منطقة تعج بالديكتاتوريات كما قيل دائما بل ستكون الدولة الوحيدة في محيط من الفوضى يتعين عليها معالجته.