حذرت الصين من توجيه ما وصفتها إشارات خاطئة أو رسائل تشيع الفوضى إلى أطراف النزاع في دارفور غرب السودان. ودعا المبعوث الصيني بشأن دارفور ليو غوي جين المجتمع الدولي إلى الأخذ بالاعتبار المخاوف الأفريقية والعربية بخصوص تداعيات المطالبة بإصدار مذكرة التوقيف بحق الرئيس السوداني عمر حسن البشير. كما حذر المبعوث الصيني أمس من أن طلب مدعي المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو اعتقال البشير يمكن أن يهدد نشر قوات حفظ السلام في دارفور ويقضي على آمال استئناف المفاوضات السياسية. وتعد تصريحات المبعوث الصيني أول تعليق علني مسهب على توجيه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية يوم الاثنين تهم الإبادة الجماعية وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور للبشير، وطلبه من المحكمة استصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس السوداني. كما أن هذه التصريحات أوضح إشارة على أن بكين قد تؤيد قرارا في مجلس الأمن الدولي بتعليق قضية المحكمة الجنائية الدولية. ويأتي تركيز الاهتمام على قضية السودان في الوقت الذي تستعد فيه بكين لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية في أوت المقبل، ومن المتوقع أن تسلط الأضواء على كيفية تعاملها مع هذه القضية، وعلى مبيعات السلاح الصينية للسودان والاستثمارات الصينية في قطاع النفط. وكانت الصين وحكومات دول أخرى قد حذرت من أن توجيه الاتهام للبشير قد يعقد الموقف في دارفور. وطلب السودان من روسيا والصين وجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي المساعدة على استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي بتعليق إجراءات المحكمة الجنائية الدولية ضد البشير لعام. وفي هذا السياق قال دبلوماسيون في نيويورك إنه من المتوقع أن تدعو جامعة الدول العربية ومجلس الأمن والسلام في الاتحاد الأفريقي مجلس الأمن لتعطيل أي إجراء تتخذه المحكمة الجنائية الدولية. وحرصت بكين على إظهار نفسها قوة مساعدة في دارفور، وأقنعت الرئيس السوداني في هدوء بقبول نشر قوة حفظ سلام مشتركة من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة تولت مسؤولية حفظ السلام من قوة منفردة للاتحاد الأفريقي في دارفور في جانفي الماضي. ويقول منتقدو الصين –المتهمة ببيع السلاح للسودان، وهي مستثمر كبير في قطاع النفط هناك– إن مصالح بكين الخاصة دفعتها لحماية حكومة البشير من الضغوط الدولية بشأن دارفور. وقد وصلت دفعة جديدة من الجنود الصينيين إلى دارفور قوامها 172 فردا من سلاح المهندسين كجزء من قوات حفظ السلام الأممية لترتفع بذلك القوة الصينية المشاركة في حفظ السلام إلى 315 فردا. ومن جانبه أكد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أنه لن يتراجع عن طلبه اعتقال الرئيس السوداني بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور، مؤكداً أنه ليست لديه دوافع سياسية وراء تقديمه مذكرة التوقيف. وقال أوكامبو أول أمس في أول تصريحات علنية منذ مطالبته باعتقال البشير بمناسبة الاحتفال بذكرى توقيع معاهدة روما التي شكلت بموجبها المحكمة الجنائية الدولية، إنه يعول على الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية في حال رفض الخرطوم تنفيذ مذكرة توقيف البشير إذا أصدرتها محكمة الجنايات. ويتوقع أن يصدر قضاة المحكمة الجنائية الدولية قرارهم فيما إذا كانوا سيقررون إصدار أمر اعتقال بحق البشير أم لا في أكتوبر أو نوفمبرالمقبلين. وفي السياق ذاته أكد أوكامبو أنه سيسعى لمحاكمة بعض قادة حركات التمرد في دارفور المسؤولين عن عمليات قتل واغتصاب المدنيين في الإقليم. وقد استبعد السودان إبرام صفقة مع المحكمة الجنائية الدولية بتسليم اثنين من مواطنيه المتهمين رسميا مقابل إسقاط مذكرة التوقيف بحق البشير.