ليس غريبا أن يلتقي عبد العزيز بلخادم الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني مع عدد من إخوانه القياديين، لتدارس الوضع والبحث في كل ما من شأنه أن يقوي الصف ويضمن الاتفاق على تجاوز كل الخلافات. إن اللقاء الذي جمع عبد العزيز بلخادم، صالح قوجيل، عبد الرزاق بوحارة، محمد بوخالفة، عبد القادر حجار وعفان قزان جيلالي، لا يشكل حدثا في حد ذاته، من منطلق أن التواصل الدائم بينهم هو الأصل، في حين أن الجفاء هو الاستثناء الذي لا ينبغي أن يسود أو يدوم، وهذا ما أكده بلخادم بقوله:" سي صالح قوجيل عضو قيادي ولا أرى أي وجه للإستغراب في أن يلتقي قياديان". إذن، يجسد لقاء الإخوة حقيقة بارزة هي، أنه ومهما بلغت الخلافات، إن مع الأشخاص أو السياسات، فإن سقف وحضن الأفلان يتحملها ويسعها جميعا، وبمقدور هيئاته ورصيده استيعابها والنظر فيها، بما يتطلبه الظرف وبما يخدم الأهداف المنشودة، التي يأتي في مقدمتها التمكين لحزب جبهة التحرير الوطني أولا وأخيرا. وإذا كان من الطبيعي جدا أن تتباين الرؤى وتختلف التقديرات، بل وتتنافر المصالح، فإن العقل والمنطق والنضال الصادق والانتماء الأصيل، كل ذلك يفرض أن تتقاطع كلها وتتلاقى عند المصلحة العليا للحزب، وهذا ما يرمي إليه اللقاء المذكور وغيره من اللقاءات الأخرى، إذ أن الأولوية اليوم هي في الذهاب إلى الانتخابات المقبلة بقوى موحدة ومتراصة، كلها عزم وتصميم على تحقيق الفوز. لقد أكد هؤلاء الإخوة، من خلال حرصهم القوي على توحيد الصف، أن الخلاف بين أبناء الحزب لا ينبغي أن يكون من أجل الغلبة أو الربح بل يجب أن تكون المعركة بينهم معا لكي يبقوا معا، من أجل جبهة التحرير الوطني الموحدة والقوية بتاريخها وتجذرها الشعبي ومناضليها ومحبيها ورؤاها للسياسة والحياة وتوجهاتها نحو المستقبل. ومن هنا فإن مسؤولية بلخادم وبوحارة وقوجيل وحجار وبوخالفة وغيرهم من القياديين، مسؤولية عظيمة في إعادة اللحمة بين أبناء جبهة التحرير، بعيدا عن تصفية الحسابات والمواقف الشخصية والرؤى الضيقة. إن شعار »علي وعلى أعدائي« يجب أن يسقط من قاموس كل مناضل غيور على حزبه، إذ أن الخسارة ستكون من نصيب الجميع، خاصة في هذا الظرف الحساس إقليميا ودوليا ، والذي يقتضي من قياديي الأفلان أن يكونوا في الصف الأول دفاعا عن وطنهم أولا ثم عن حزبهم وعن رسالته في خدمة الجزائر وطنا ودولة وشعبا. إن كان صحيحا أن الأحزاب تقاس بنتائجها الانتخابية، فإنها توزن وتقاس أيضا بمدى حرص مناضليها وقيادييها على وحدة الصف وعلى الاجتماع على كلمة واحدة هي، أن يبقى حزب جبهة التحرير الوطني القوة السياسية الأولى في البلاد، بإرادة الناخبين واختيارهم السيد. لكل هذا، يجب الاعتراف لرجال الجبهة القياديين بانصهار ذواتهم في مصلحة الوطن والحزب، وبتحملهم المسؤولية التاريخية، بتوحيد الصفوف بأقل الأثمان، بل بدون ثمن، من أجل الحزب والوطن .. وإذا كان يجب أن نرفع التهنئة لجميع المناضلين والمحبين والغيورين على الحزب، فإن كل التقدير يعود لهؤلاء القياديين الذين تحملوا مسؤولية سوف يجني الحزب والوطن ثمارها الطيبة. نذير بولقرون