انتهت أشغال المؤتمر الحادي للمنظمة الوطنية للمجاهدين بإجماع الأسرة الثورية على أن تكون مسألة تجريم الاستعمار في صلب سياسات الدولة، وذهبت إلى حدّ اتهام »البعض« ب »محاولة تناسيه«. وإلى جانب تزكية الإصلاحات التي أقرّها رئيس الجمهورية فإن المنظمة وضعت من كتابة تاريخ الثورة في المجالين السياسي والعسكري في مقدّمة الاهتمامات. شدّدت اللائحة السياسية التي خرج بها المؤتمر الحادي عشر للمنظمة الوطنية للمجاهدين على ضرورة »الحفاظ على التاريخ المجيد الذي سطرته ثورة نوفمبر المجيدة«، وذلك »دون إهمال تاريخ الحركة الوطنية التي مهدت الطريق لذلك«. وبحسب التفاصيل التي تضمنتها الوثيقة الختامية للمؤتمر المصادق عليها أمس الأول فإن العائلة الثورية جدّدت تمسّكها بمشروع تجريم الاستعمار، بل إنها طالبت بأن يكون هذا الموضوع »في صلب اهتمامات وسياسات الدولة« مع إرفاق ذلك ب »تجنيد كل فعاليات المجتمع ووسائل الإعلام في سبيل ذلك«، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن »البعض أراد تجاوز تجريم الاستعمار أو تناسيه كما ذكرت المنظمة بتصريحات مسؤولين فرنسيين يؤكدون فيها بأن العلاقات الجزائرية-الفرنسية »لن تستقيم إلا بإبعاد المتطرفين من الطرفين وذهاب جيل الثورة« ويكررون مقولتهم بأنه »حتى وإن ارتكبت أخطاء أثناء الحرب فإن المسئولية مشتركة«، محاولين بذلك فرض منطقهم على الجزائر. ولذلك اعتبرت أن »بلادنا مستهدفة من جهات كثيرة« وأن »أساليب أعدائنا متنوعة ومتعددة وهدفهم استئصالها من جذورها والقضاء على مقومات وجودنا من دين ولغة وحضارة«. كما باركت المنظمة الإصلاحات التي بادر بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، دون أن تخفي التعبير عن أملها في أن يفضي ذلك إلى »نتائج في المستوى المطلوب« وأن »تساهم المشاورات التي أجريت في بلورة الأفكار وتحديد أهداف هذه الإصلاحات من أجل بناء دولة ديمقراطية يسودها العدل والمساواة وحرية الرأي والتعبير دون إقصاء أو تهميش«. أما على الصعيد الخارجي، فإن المنظمة دعّمت سياسة الجزائر الداعية إلى توفير الشروط الضرورية لبناء وحدة مغاربية قادرة على أن تضمن لشعوبها الأمن والاستقرار في المنطقة، فيما حذّرت من جانب آخر من »مناورات القوى العظمى التي تعمل على تحويل بعض الثورات عن أهدافها«، وأكدت أن »الجزائر ستبقى وفية لمبادئها وتتبنى قضايا الشعوب وتحترم اختياراتهم« وأنها »ضد كل تدخل أجنبي في شؤون الدول كيفما كان نوع هذا التدخل وحجمه ووسائله«. تجدر الإشارة إلى أن أشغال المؤتمر اختتمت بانتخاب تشكيلة المجلس الوطني الذي أصبح يضم 382 عضو بعدما كان 326 عضوا، مع إقرار تواجد 6 مجاهدات على الأقل في كل ولاية تاريخية وهذا طبقا للتعديلات التي أدخلت على القانون الأساسي للمنظمة، على أن ينعقد المجلس لاحقا في دورة استثنائية لانتخاب أعضاء الأمانة الوطنية والأمين العام. وتعززت صفوف الأمانة الوطنية بالعنصر النسوي بعد أن اقترح التعديل دعم تشكيلة هذه الهيئة بامرأتين مجاهدتين، مع العلم أن العديد من المجاهدين كانوا قد طالبوا في مداخلاتهم في أشغال المؤتمر إلى ضرورة الاهتمام بالمجاهدات، ومنحهن المكانة اللائقة، وذلك بتخصيص نسبة 35 بالمائة لهن ضمن هياكل المنظمة عرفانا بالتضحيات التي قدمتها المرأة الجزائرية إبان الثورة التحريرية. في غضون ذلك أبرزت المنظمة بأن نجاحها في أداء رسالتها سيبقى مرهونا بمدى تأثيرها في المؤسسات التربوية والتكوينية بما يلزم هذه المؤسسات بإعطاء مادة التاريخ الوطني ومرحلة ثورة التحرير مكانة متميزة في المنظومة الوطنية، وأكدت دور المجاهدين وذوي الحقوق في التفاعل مع الأحداث الهامة التي ستشهدها البلاد خلال السنة الجارية وفي مقدمتها إحياء الذكرى ال50 لعيد النصر واسترجاع السيادة الوطنية وكذا الانتخابات التشريعية والمحلية.