يري المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر والمختص في القضايا الأمنية والإستراتيجية امحند برقوق، أن الكيان المستقل الذي أراد متمردو الطوارق تشكيله في شمال مالي غير قابل للعيش، خاصة مع وجود رفض إفريقي ودولي حول إنشائه، لكنه حذر من التداعيات الخطيرة التي قد تنجم عن هذه الأزمة، معتبرا أن التغاضي عن التداعيات السلبية لما يقع في شمال مالي على كل المنطقة هو خطأ استراتيجيا لا يجب أن يكون عند دول الجوار. أوضح أستاذ العلوم السياسية، أن الأوضاع في مالي لن تعرف الاستقرار في المدى القريب على الأقل، وذلك مرهون –حسبه- بعدة عوامل أهمها قدرة الماليين على بناء مؤسسات ذات مصداقية وقدرة الجيش المالي على بناء ذاته واستمرار الإرادة الدولية والجهوية وتحت الجهوية الرافضة لبروز كيان جديد بهذا البلد، إضافة إلى قدرة الحركة الوطنية لتحرير الأزواد من أن تبقى موحدة وقادرة على التسيير المادي والعسكري للمناطق التي تراقبها. وتحدث المحلل السياسي بالتفصيل في حوار لموقع الإذاعة عن تداعيات تمرد الأزواد وما يحدث في مالي على دول المنطقة، معتبرا أن ما يقع من تأزم حاليا في مالي يجب أن يقرأ بشكل ترابطي، موضحا »أن ما يقع من أزمة سياسية وإن توصلت المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا إلى حل انتقالي بتبادل الحصانة للمتمردين مقابل اعتلاء رئيس البرلمان للرئاسة مؤقتا لحين الوصول لنوع من القرار السياسي القائم على الإجماع، لن يكون سهل التنفيذ«، وبرر برقوق صعوبة تجسيد هذا السيناريو من منطلق أن جزء كبيرا من التراب المالي لا يخضع للسلطة المركزية المالية، معتبرا أن إعلان الحركة الوطنية لتحرير الأزواد قبل أيام من توقيف العمليات العسكرية »هو في حد ذاته إقرار بوصولهم للأهداف التي رسموها لنفسهم والمتمثلة أساسا في تحقيق هذا الكيان« الذي يرى بأنه »غير قابل للعيش خاصة مع وجود رفض إفريقي ودولي حول إنشائه«. وحذر برقوق من خطر تنوع القواعد الإرهابية في المنطقة التي أشار بأنها »تعرف بكونها أكثر المناطق حراكا على مستوى الجريمة المنظمة والمتاجرة بالمخدرات في إفريقيا« وهو ما دفعه إلى ترجيح احتمال تحولها إلى »سوق مفتوحة للأسلحة القادمة من ليبيا«، في ظل غياب تام للسلطة المركزية. وقال المحلل السياسي إن الوضع يسير نحو تعقيد متزايد في مالي، وعدّد برقوق أربعة أسباب أساسية لذلك، لخصها في ضعف الإجماع الحاصل الذي رشحه ليستمر حول طبيعة المرحلة الانتقالية في هذا البلد وأيضا حول مدة هذه المرحلة، أما السبب الثاني فيكمن في غياب القدرة حاليا للجيش المالي في إعادة بناء ذاته وإعادة استرجاع الأراضي التي سقطت في أيدي الأزواد، وهذا ما قد ينجر عنه حسب المحلل »ظهور شبه حرب أهلية في الشمال«، وحدد السبب الثالث في وجود قراءات إستراتيجية لدول كبرى خاصة فرنسا في المنطقة والتي تعتبر أن الساحل هو الحديقة الخلفية التاريخية لها، ولكن نجد دائما الرجوع لفكرة روح اتفاق 1960 حول التعاون العسكري وأيضا رغبة فرنسا في منع بروز ارتباطات إستراتيجية بين دول المنطقة ودول أجنبية أخرى.