بالأمس ودعنا بالبكاء من بكى مرتين.. الأولى عندما انتخب رئيساً للجزائر بعد التحرير لأنه لم يجد التحدث باللغة العربية أمام شعبه وهو القائد والبطل الوطني والعربي، والثانية عندما رحب بالقائد العربي الراحل جمال عبد الناصر أثناء مشاركته الجزائريين فرحتهم بانتصار الجزائر على المستعمر الفرنسي. ولأنه بكى مرتين حرصاً على العروبة واحتفالاً بقائد العروبة فمن حقه على العروبة أن تبكي عليه لأنها فقدت برحيل القائد البطل أحمد بن بيلا رجلاً عملاقاً وقائداً ملهماً وبطلاً مقاوماً. بالأمس ودعنا بالدموع آخر أبطال المقاومة العربية والكفاح ضد المستعمر عندما شارك في إطلاق الرصاصة الأولى ضد المستعمر الفرنسي الذي أراد تحويل بلده الجزائر إلى قطعة من فرنسا »بفرنسة« الجزائر فثار هذا البطل مع رفاقه عام 1954 لتحرير وطنهم حتى تحقق لهم ذلك وانتصروا على المستعمر عام 1962 وانتخب كأول رئيس للجزائر. لقد عاش أحمد بن بيلا بطلاً مقاوماً ودخل إلى قلب كل مواطن عربي وسكن ضميره ووجدانه لأنه سكن في وجدان وضمير أمته العربية وهو يقاتل الاستعمار وهو يتحمل ما واجهه من سجن وعذاب من بعض رفاقه الذين سجنوه وحاربوه تماماً كما سجنه المستعمر الفرنسي لكنه ظل شجرة واقفة ومات واقفاً. غادرنا بن بيلا إلى جوار ربه بعد أن مد الله في عمره حوالي قرن من الزمن قضى ربعه في السجن أو الإقامة الجبرية على أرض وطنه وقبلها في سجون المستعمر الفرنسي. وكان رحمه الله ملتزماً بقضايا أمته العربية ومعاركها وجماهيرها وبدأ بتعريب بلده عندما حاول المستعمر الفرنسي »فرنسة« شعبه واهتم باللغة العربية لأنها كما كان يؤمن هي هوية الأمة. فليس غريباً أن يبكي الشعب العربي هذا القائد العربي كما بكينا عندما رحل قائد الأمة العربية الراحل جمال عبد الناصر عام 1971 فقد كان يوم وفاة ناصر نهراً من الدموع بل أن البعض مات من شدة الألم على فراق ورحيل هذا القائد العربي. لقد وقف عبد الناصر إلى جانب بن بيلا في معركة التحرير.. ووقف بن بيلا مع عبد الناصر في كل معاركه الوطنية والقومية والعالمية فكان القائدان رمزاً من رموز كفاح هذه الأمة ومن حق هذه الأمة أن تبكي عليهما لأنها بكت من غيرهما الكثير، فبعض حكامنا العرب نبكي عليهم وبعض حكامنا العرب نبكي منهم ولا مجال هنا لذكر مَن مِن حكامنا العرب نبكي منه ومَن مِن حكامنا نبكي عليه ما عدا حاكم عربي واحد بكينا منه وبكينا عليه وهو الشهيد صدام حسين عندما أبكانا بغزوه لدولة الكويت الشقيقة وبكينا عليه عندما احتل الأمريكي العراق الشقيق عام 2003 وعندما قام عملاء هذا الاحتلال بإعدامه وهو يقف بطلاً أمام هؤلاء الخونة وهو الحاكم أو القائد العربي الوحيد الذي بكينا منه وبكينا عليه وهذا يعني أن حكامنا العرب إما أن نبكي عليهم أو نبكي منهم.