في الثقافة العالمية أمثال وأمثلة كثيرة على الوقت، تشير كلها إلى أهميته وإلى ضرورة الحرص عليه. وفي ثقافتنا العربية والاسلامية مثل ذلك أو يزيد، فالقرآن الكريم ينص بشكل صريح على الحفاظ عليه، ومثله أيضا الأحاديث النبوية الشريفة وأقوال الصحابة والعلماء. ورغم ذلك فإن الإهتمام بالوقت في ثقافتنا اليومية من أعلى هرم المجتمع إلى أسفله، يأتي في آخر الإهتمامات والأولويات. ومن تلك المأثورات ما قيل : أن الوقت هو الحياة، ومعنى ذلك أننا أهدرنا حياتنا هدرا. وما قيل أن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، وقياسا على ذلك فإن وقتنا قد مزقنا إربا إربا. وقيل أيضا أن الوقت هو المال. ويعني هذا أننا أهدرنا ثروة لا تعد ولا تحصى. وجاء في الأثر أن الناس نيام فإذا ماتوا استيقظوا. أي أنهم لا يبالون بالوقت في هذه الحياة حتى تفاجأهم الشيخوخة أو المنية، حينها نحاول اللعب في الوقت الضائع لاستدراك ما فات من وقت.ولأن العطار لا يصلح ما أفسده الدهر، فإن الإهتمام بالوقت يجب أن يتصدر سلم الإهتمامات، وأن يؤخذ بعين الإعتبار في رسم المشاريع وتنفيذها أيضا، إن أي تأخر معناه تقدم نحو الخلف، لأن العالم يتطور ولا ينتظر، وأن التكاليف ترتفع ولا تتراجع. لنسوق مثالا واحدا على ذلك ذو دلالة كبيرة، لقد أوكل انجاز شطرا من ميطرو الجزائر لشركة ألمانية بنحو 200 مليون دولار، وعلى هامش زيارة المستشارة الألمانية شهر جويلية إلى الجزائر، عبر مسؤول الشركة عن رغبته في انجاز شطر آخر. ولما سئل عن التكاليف قال إنها ارتفعت مقارنة بالشطر الأول بنسبة 75 بالمئة. ومعنى هذا أنه لو تمت الصفقة في وقت سابق لربحت الجزائر 75 بالمئة في التكلفة، ولربحت الكثير من حيث السرعة في الإنجاز. وهكذا دواليك كلما تأخرنا في الإنجاز، كلما تباطأنا في العمل، كلما قررنا إعادة النظر في القوانين، كلما تأخرنا في الرد على المستثمرين الأجانب والوطنيين ، دفعنا الثمن أكبر. ولذلك صنف المفكر الجزائري ملك بن نبي " الوقت " ضمن شروط النهضة. فلا نهضة لمن لا يحترم الوقت، والتخلف حتمي ومؤكد لمن يهدره، فهو ثروة تضاهي الثورة النفطية إذا جاز القياس. يقول رجاء النقاش إن التقدم وحده الذي يتأخر في الوطن العربي، والتخلف وحده الذي يتقدم. وإن عدم احترام الوقت واحد من أسباب ذلك. [email protected]