عندما يتكلم الخبراء والمختصون يجب أن نحترمهم جميعا. هذه قاعدة القواعد. وقد تكون هناك تحفظات وهي لا تقلل ولا تنقص من قيمتهم وقامتهم. إن الأزمة المالية الدولية جعلتنا نتخوف من انعكاساتها على الجزائر، ذلك أننا في وضع لا يحتاج لهزات مهما كانت، لا سياسية ولا ثقافية ولا اقتصادية. وعندما صرح مسؤولون منهم وزير المالية عبد الكريم جودي بأن الجزائر في مأمن، كان تصريحه محل " سخرية " من قبل بعض الأقلام والألسن. ويوم الخميس الماضي نظم حزب جبهة التحرير الوطني حلقة حرة للنقاش حول الموضوع، تكلم فيها الخبراء بحرية وشفافية. وقد أجمعوا على أن الجزائر في مأمن على الأقل خلال الأربع سنوات أو الخمس القادمة. ومرد هذا التفاؤل أن احتياط الصرف يقدر بنحو 133 مليار دولار، وهو ما يكفي الجزائر لاستيراد الغذاء والدواء لمدة أربع أو خمس سنوات. وبعد ذلك فالله ورسوله أعلم. الخبراء يطمئنون الجزائريين خلال الخمس سنوات فقط وعلى أقصى تقدير، ونحن نتخوف من الآن وحتى في مرحلة ما بعد 2013. وترجع أسباب التخوفات إلى كوننا أمة تأكل من " برميل النفط " وتشرب منه أيضا، وتعالج منه وتمول التربية والتعليم منه. وأرصدة الجزائر في الخزينة، أو في السندات الأمريكية ( 43 مليار دولار) ، وتسديد المديونية وغيرها إنما تم وفقط بسبب ارتفاع أسعار البترول إلى أزيد من 100 دولار للبرميل. مما جعلنا نحقق أرباحا قياسية. ومداخيل الجزائر تتشكل من البترول ب 98 بالمئة، و2 بالمئة التي تقابلها نحو 800 مليون دولار، كصادرات خارج المحروقات ، لا تكفي لاستيراد سوى أسبوع من حاجيات الجزائر ، في حالة ما إذا لم ترتفع مستورداتنا إلى أزيد من 35 مليار دولار عام 2009. والتباشير الآن واضحة، لقد انتهى عصر الربح القياسي الذي تحقق بفعل ارتفاع سعر النفط، وكلما تراجع النفط تزايدت التخوفات والمآسي، حتى لو لم ترتفع حاجاتنا للإستيراد. إن الخوف غريزة وحدس، وليس حالة سلبية كما يعتقد البعض، إنه حالة إيجابية تدفع نحو مزيد من التفكير وأخذ التدابير والآليات لحماية شعب .. شعب عاني الكثير.